بين أردوغان ووزرائه.. لماذا تتباين المواقف التركية حول سوريا؟

في 28 من يوليو الماضي وجه أردوغان دعوة للقاء نظيره السوري، بشار الأسد، وبعدما مهّد لذلك بتصريحات إيجابية زاد بالتدريج جرعة التقارب بالتصريحات.

وقال حينها: "لا يمكن أن يكون لدينا أبدا أي نية أو هدف مثل التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا".

لكن وزير دفاعه، يشار غولر، وفي أثناء حديثه مع وكالة رويترز قبل يومين كسر جزءا من "الثقة" وعملية الوصول لـ"حسن النوايا".

وأكد أن أنقرة لن تناقش التنسيق بشأن الانسحاب من سوريا إلا بعد:

• الاتفاق على دستور جديد
• إجراء انتخابات
• تأمين الحدود

جانب آخر صبّ أيضا في إطار حالة التباين ما بين الرئاسة والوزراء الأتراك.

وبعدما أعلن أردوغان سابقا أنه كلف وزير خارجيته، حقان فيدان، لإجراء ترتيبات اللقاء مع الأسد، عقد الأخير لقاء في 8 أغسطس مع مسؤولين في المعارضة السورية.

وجدد فيدان الحديث عن دعم أنقرة لجهود الحوار والتفاوض الهادف والواقعي.

وقال إن من شأن ذلك أن يمهد الطريق لحل سياسي شامل في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

يعتقد الباحث السياسي التركي، علي أسمر، أن حقيقة المشكلة تكمن "في ترجمة تصريحات مسؤولي الحكومة التركية وبشكل حر بعيدا عن السياق العام وعن استراتيجية أنقرة تجاه الملف السوري".

ويقول لبلينكس إن "الخطأ المذكور وقع به الكثير من المحللين".

وأضاف أن الاستراتيجية التركية بشأن سوريا تتضمن أولويتين:

الأولى: هدف مهم وعاجل وهو ضم الحكومة إلى آلية مكافحة الإرهاب الثنائية التركية العراقية ضد "حزب العمال الكردستاني".

الثانية: هدف استراتيجي مهم ولكنه غير عاجل.

ويتضمن انسحاب القوات التركية من سوريا، بعد تحقيق الاستقرار السياسي عبر جلوس المعارضة مع الحكومة وكتابة دستور جديد وإقامة انتخابات نزيهة بإشراف الأمم المتحدة.

عملية الانسحاب ستكون كفيلة بعودة اللاجئين وإعادة الإعمار، كما يرى أسمر.

ويشير إلى أن "بعض المحللين والمواقع الإعلامية خلطت بين تسلسل الهدفين المذكورين".

وبعد تحقيق الاستقرار السياسي في سوريا "لن تتدخل تركيا بالشأن الداخلي السوري"، كما يتابع الباحث التركي.

ويقول إن "تركيا تريد حدود آمنة وعدم حصول موجات جديدة من اللاجئين"، وإن "غير ذلك متروك للشعب السوري".

لتركيا قوات في محافظة إدلب ومناطق في ريف حلب الشمالي وفي منطقة "نبع السلام" التي تشمل مدينتي رأس العين وتل أبيض بريف الرقة.

ويقول الباحث أسمر إن "تواجد القوات التركية في سوريا ليس قرار الحكومة التركية فقط بل قرار الدولة العميقة".

وترى "الدولة العميقة" على حد وصف الباحث أنه "وفي حال الانسحاب من سوريا وفي ظل الفوضى الحالية ستضطر غدا للقتال داخل الحدود التركية، وهذا أمر غير مقبول".

ويضيف الباحث: "تركيا بمهمة أمنية إنسانية مؤقتة في سوريا إلى أن يتم تحقيق الاستقرار السياسي، وكل تصريحات مسؤولي الحكومة التركية السابقة والجديدة تؤكد ذلك".

الموقف السوري كان قد انعكس مؤخرا في مقابلة للأسد مع الصحفيين في دمشق.

وأبدى الرئيس السوري في يوليو الماضي استعداده للانضمام إلى أي لقاء مع تركيا.

لكنه أكد ضرورة إنهاء "جوهر المشكلة"، المتمثل بـ"دعم الإرهاب والانسحاب من سوريا"، على حد تعبيره.

كما أضاف أن المشكلة لا تكمن في اللقاء وإنما في مضمونه.

وتساءل عن معنى اجتماع لا يناقش انسحاب القوات التركية من الشمال السوري.