رسوم ترامب الجمركية تضع جرارات "جون دير" في مأزق

قبل أسابيع معدودة من الانتخابات الرئاسية، صرح ترامب مرارًا وتكرارًا بأنه يخطط لفرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة تتراوح بين 10% و20% على جميع الواردات التي تدخل إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعريفة قد تصل إلى 60% على جميع الواردات الصينية، وذلك بهدف تشجيع التصنيع الأمريكي.

لكن في أواخر شهر سبتمبر، صعّد ترامب من خططه بزيادة العقوبات، متوعدًا بفرض ضريبة تصل إلى 200% على صادرات شركة جون دير إذا حاولت إعادة تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة بعد نقل جزء من إنتاجها إلى المكسيك.

كما هدد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على البضائع المصنعة في المكسيك، وهي خطوة قد تهدد اتفاقية التجارة التي تفاوضت عليها إدارته مع كندا والمكسيك.

بينما يعتقد ترامب أن التعريفات الجمركية وسيلة فعالة لزيادة الانتاج المحلي والإيرادات وتعزيز الازدهار الاقتصادي وحماية الصناعات الأمريكية من المنافسة الأجنبية، يشكك معظم الاقتصاديين في ذلك.

في تقرير حديث صادر عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، تم التوصل إلى أن تنفيذ مقترحات ترامب المتعلقة بالتعريفات، مع افتراض أن الدول المستهدفة ترد بالمثل، قد يؤدي إلى خفض النمو الاقتصادي الأمريكي بنسبة تزيد عن 1% بحلول عام 2026، ويرفع معدلات التضخم بنسبة 2% في العام المقبل.

ويفيد التقرير أن تطبيق التعريفات الجمركية سيرفع أسعار السلع المستوردة، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة للأسر وزيادة تكاليف الإنتاج للشركات التي تعتمد على المدخلات المستوردة. هذه الزيادة في الأسعار تنعكس أيضا على المنتجات المحلية التي تنافس الواردات، مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام في السوق.

كما تؤدي التعريفات الجمركية إلى تقليص الفوائد الاقتصادية من التجارة الحرة، حيث تصبح الدول مضطرة لدفع مبالغ أعلى لشراء بعض السلع. كما أن الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الصناعية يمكن أن تعرقل نمو الصناعات المحلية لأنها تزيد من تكاليف الإنتاج، مما يجعل الشركات الأمريكية أقل تنافسية في الأسواق العالمية.

خلال مقابلة على قناة إم إس إن بي سي الأميركية، وصفت نائبة الرئيس كمالا هاريس تهديدات ترامب المتعلقة بالتعريفات بأنها غير جدية، مشيرة إلى تقرير يظهر أن فرض تعريفات جمركية عالمية بنسبة 20% من شأنه أن يكلف الأسرة الأمريكية العادية ما يقرب من 4 آلاف دولار سنويًا.

وعلى الرغم من انتقاد الديمقراطيين لتعريفات الجمركية التي يفرضها الحزب الجمهوري، إلا أن إدارة بايدن-هاريس نفسها أبدت تفضيلًا لبعض التعريفات، حيث احتفظت بالضرائب التي فرضها ترامب على بضائع صينية بقيمة 360 مليار دولار، كما فرضت تعريفات بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية.

وتراجعت الولايات المتحدة تدريجيًا عن دورها الذي لعبته بعد الحرب العالمية الثانية في تعزيز التجارة الحرة وخفض التعريفات، وذلك استجابة لفقدان الوظائف في قطاع التصنيع الأمريكي، والذي يُعزى إلى التجارة غير المقيدة وتزايد النفوذ الصيني.

إذا عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ستلعب التعريفات الجمركية مرة أخرى دورًا رئيسيًا في أجندته السياسية.

التعريفات هي ضريبة على الواردات، تُحسب عادةً كنسبة مئوية من سعر البضائع المشتراة من بائعين أجانب. في الولايات المتحدة، يتم تحصيل التعريفات من قبل وكلاء الجمارك وحماية الحدود في 328 منفذ دخول على مستوى البلاد. تتراوح معدلات التعريفات بين 2.5% و6%، ويمكن أن تكون أقل بالنسبة للدول التي لديها اتفاقيات تجارة مع الولايات المتحدة.

على الرغم من أن ترامب يصر على أن الدول الأجنبية هي التي تدفع التعريفات، فإن الحقيقة هي أن الشركات الأمريكية هي التي تتحمل هذه الضرائب، وتقوم عادةً بتمرير تكاليفها المرتفعة إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى.

تُستخدم التعريفات بشكل أساسي لحماية الصناعات المحلية، حيث تزيد من تكلفة الواردات لجعل المنتجات المحلية أكثر تنافسية.

كما يمكن استخدامها لمعاقبة الدول الأجنبية على ممارسات تجارية غير عادلة.

في الماضي، كانت التعريفات مصدرًا رئيسيًا للإيرادات الحكومية. ومع ذلك، فقد تراجعت أهميتها مع توسع التجارة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية.