لا تمتلك معلومات كافية؟ ثق بـ"الحدس"

تعرّف دراسة سويسرية في علم النفس، الحدس أنه عملية قائمة على الخبرة تؤدي إلى ميل عفوي نحو قرار أو فكرة أو فرضية دون القدرة على تبرير ذلك.

وتشير الدراسة إلى أن عملية الحدس التي تحدث بتلقائية، أي دون القدرة على تنشيطها أو كبحها، تقوم بمعالجة غير شعورية لمعطيات تكون محفوظة في باطن العقل تُستخلص منها أفكارا عفوية تفيد في اتخاذ قرارات آنية.

ولقياس عملية الحدس والتأكد من حدوثها بالفعل في الدماغ، صمم باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز تجربة تعرّض فيها المشاركون لصور عاطفية خارج نطاق الوعي أثناء محاولتهم اتخاذ قرارات دقيقة.

وأثبتت نتائج الدراسة أن الأفراد يستخدمون بالفعل المعلومات اللاواعية في الدماغ لمساعدتهم في اتخاذ قرارات أفضل وأسرع.

جوزيف مايكلز، أستاذ علم النفس في جامعة ديبول، يكشف في دراسة أنه عندما يمتلك كبار السن معلومات كثيرة يصعب اختزالها، فمن المرجح أن يختاروا المسار الصحيح بالاستماع إلى حدسهم، بدلا من مناقشة الأمر بالعقل فقط والاعتماد على قدراتهم التحليلية التي تكون غالبا في تراجع.

على غرار نهج رجل الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون، يقوم عدد من مدراء الأعمال باتخاذ قرارات مهمة اعتمادا على الحاسة السادسة، الحدس.

يشير خبير ومحلل الأعمال شون بيك أنه على الرغم من التقدم التكنولوجي والبيانات الهائلة التي تملكها الشركات، لا يزال المدراء يعتمدون في الكثير من الأحيان على حدسهم.

لكن تقريرا نشرته مجلة هارفارد التابعة لقسم ريادة الأعمال يوضح أن القرارات الناجحة لابد أن تعتمد على كل من البيانات والحدس.

ويوضح التقرير أن جمع البيانات وتحليلها بشكل فعال يساعد صناع القرار على التحقق من القضايا المعقدة وفهمها بعمق. ولكن، في بعض الأحيان، تظل الصورة ضبابية نوعا ما، وتدفعهم للانحياز إلى ما يمليه عليهم حدسهم.

ولا تعتبر ريادة الأعمال المجال الوحيد الذي رصد فيه الاعتماد على الحدس إذ تستعين جيوش العالم بحدسها، كذلك، لاتخاذ قرارات مهمة في ظروف عصيبة.

الضابط جورج أيونيساي من قاعدة القوات الجوية الرومانية يشرح في ورقة بحثية أن القادة عادة ما يتلقون معلومات من كل اتجاه ويتعين عليهم استخدام بديهتهم لتقييم اختياراتهم في أقصر وقت ممكن.

وتفيد مجلة تايم الأميركية أن التجارب الملهمة التي يشاركها الجنود بعد عودتهم من الحرب، بخصوص القرارات السريعة التي اتخذوها في مواقف حرجة، دفعت بالجيش الأميركي لإجراء بحوث حول نجاعة الاعتماد على الحدس.

وبتمويل حكومي بنحو 4 مليون دولار، أثمرت البحوث نتائج استعملت في تطوير برامج لتدريب مشاة البحرية في استخدام حدسهم كسلاح، ساعدت الضباط الصغار بالثقة في "حدسهم" واكتشاف الكمائن ورصد القنابل المدفونة ومعرفة مَن يجب الوثوق به في ساحات القتال، وفقا لموقع ذا ديلي بيست الأميركي.

ويصف الكاتب مارك ديفاين، واحد من المحاربين القدامى في قوات مشاة البحرية الأمريكية، الحدس على أنه "مهارة يمكن تطويرها، ويملكها كل شخص، ولكن في كثير من الأحيان يتم تجاهلها، رغم أهميتها.