وفاة آلان ديلون.. العالم يودع أوسم من عرفته الكاميرات

كتبت الممثلة الفرنسية بريجيت باردو، في رسالة بخط اليد: "رحيل ديلون يحدث فراغًا كبيرًا لن يتمكن أي شيء أو أي شخص من ملئه، لقد كان يمثل أفضل ما في السينما الفرنسية المرموقة، وكان سفيرًا للجمال والموهبة والأناقة".

وعبرت وزيرة الثقافة المستقيلة رشيدة داتي عبر منصة التواصل الاجتماعي نفسها، قائلة: "آلان ديلون لم يعد موجودًا، كنا نعتقد أنه لا يرحل لأنه عاش حيوات عدة"، معتبرة أنه "ترك بوفاته فرنسا يتيمة".

وكتبت الممثلة كلوديا كاردينالي، التي شاركت ديلون بطولة فيلم "لو غيبار" في رسالة جاء بها: "لقد انتهت الحفلة الراقصة، ذهب آلان للرقص مع النجوم".

وكان آلان يعيش في عزلة عميقة كما وصفته شريكته السابقة ميراي دارك، في مقابلة عام 2015 مع "فرانس برس"، وعلقت: "لقد اختار عزلته في عالم آخر من الماضي، مع كائنات يحبها كثيرًا".

وقال الرئيس السابق لمهرجان كان السينمائي جيل جاكوب إن السينما الفرنسية فقدت "أسدًا" و"ممثلًا ذا نظرة فولاذية"، معتبراً أن ديلون "صمم وسيطر على كل شيء باستثناء نهايته".

تمتع الراحل آلان ديلون بوسامة مفرطة جعلته مثالًا لجمال الرجال، ونموذجًا للوسامة التي كانت عنصرًا رئيسيًا في شهرته ونجوميته، إلى جانب موهبته التمثيلية.

ديلون اعترف بأن نجاحه تحقق بفضل وسامته، وعلق ذات مرة قائلاً: "لقد حصلت على كل شيء بفضل هذا الجمال"، ورغم وجود العديد من الممثلين على قدر مرتفع من الوسامة، فإن ديلون كان مختلفًا ومميزًا بفارق كبير عن الجميع.

وكتب الروائي جان مارك باريس، في كتابه الذي حمل عنوان "مشكلة مع الجمال" عن ديلون، مشيرًا إلى أن هوليوود كان لديها براندو وإيستوود وريدفورد وبيتي ونيومان الذين مثل كلّ منهم نوعًا مختلفًا من الجمال، أما في فرنسا، فديلون وحده تمتع بكل هذا الجمال.

وكان ديلون واحدًا من عمالقة السينما الفرنسية الأربعة في نهاية خمسينيات القرن العشرين، مع لينو فينتورا وجان غابان وجان بول بلموندو، لكنه تميز عنهم بملامحه المميزة.

ديلون كان النظير الرجالي لحسناء الشاشة الفرنسية في تلك الحقبة بريجيت باردو، التي كانت واحدة من أجمل النساء في عالم الفن، ولعبت أدوارًا مع ديلون، ليساهما معًا في شهرة السينما الفرنسية.

وفي حديث لمجلة "باري ماتش" عام 2018 قال ديلون إنه كان يتساءل دائمًا عندما عُرض عليه العمل في مجال السينما عن سبب اختياره بالتحديد، مضيفًا: "كانوا يتحدثون معي دائمًا عن الوسامة والجمال".

كانت حياة ديلون التي بدأت عام 1935 مليئة بالأحداث والمفارقات في حياته الشخصية والمهنية، وفيما يلي أبرز ما جاء بها:

• 8 نوفمبر 1935: ولادة آلان ديلون في سو بضواحي باريس.

• 1960: صعود نجم آلان ديلون مع فيلم "بلان سولاي" ("Plein Soleil") لرينيه كليمان و"روكو إيه سيه فرير" ("Rocco et ses frères") للمخرج لوتشينو فيسكونتي.

• 1964: ولادة ابنه الأول أنتوني من زواجه من فرانسين كانوفاس المعروفة باسم ناتالي ديلون.

• 1967: فيلم "لو ساموراي" لجان بيار ملفيل.

• 1969: فيلم "لا بيسين" ("La Piscine") لجاك دوري مع رومي شنايدر، أول حب كبير في حياته.

• 1976: فيلم "موسيو كلاين" لجوزيف لوسي، وهو من أفضل الأدوار في مسيرة الممثل.

• 1985: جائزة سيزار لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "نوتريستوار" ("Notre histoire") لبرتران بلييه، وهو السيزار الوحيد في مسيرة ديلون.

• 2019: السعفة الذهبية الشرفية في مهرجان كان السينمائي، قبل إصابته بجلطة دماغية خطيرة أضعفته بشكل كبير.

• 2023: أبناء النجم الثلاثة يقدمون شكوى ضد مساعدته هيرومي رولين بتهمة ممارسة مضايقات معنوية، وقد رُدت الشكاوى وأُغلق الملف.

• 2024: أبناء الممثل يخوضون معارك في ما بينهم عبر الإعلام والقضاء، ويتهم الابنان أختهما بالتلاعب بوالدهما وإخفاء حقيقة وضعه الصحي عنهما.

• 18 أغسطس 2024: أبناء آلان ديلون يعلنون وفاته في منزله في دوشي.

من دون النساء والممثلات، سواء كنّ حبيبات أو صديقات أو ابنة، ما كان آلان ديلون، بحسب تعبيره، سوى "ظل الممثل والرجل" الذي كان عليه، مشيرًا إلى أسماء أنثوية في المجال السينمائي منهنّ بريجيت أوبير، ورومي شنايدر، وناتالي ديلون، والدة أنتوني نجله الأكبر، وميراي دارك، بالإضافة إلى والدة ولديه الأخيرين عارضة الأزياء روزالي فان بريمن.

وعمل ديلون أيضًا مع جين فوندا، وأنّي جيراردو، وكلوديا كاردينالي، وماري لافوريه، وجين مورو، وسيمون سينيوريه، وكاترين دونوف.

وخلال خمسينات القرن الفائت، ساهمت شابتان في إطلاق مسيرة ديلون، هما شريكته بريجيت أوبير التي عرّفته إلى ميشيل كوردو، زوجة المخرج إيف أليغريه، والتي أصبحت أيضًا عشيقته، وقال ديلون عن دور بريجيت: "فرضتني على زوجها الذي أعطاني أول دور لي في كان لا فام سان ميل 1957".

عاش آلان ديلون بعد ذلك قصة حب رومانسية مع ممثلة شابة مولودة في فيينا وسافرت إلى فرنسا هي رومي شنايدر التي تعرّف إليها خلال تصوير فيلم "كريستين". وأصبحا خطيبين في العام التالي، عندما كان ديلون يبلغ 23 عامًا وكانت شنايدر في العشرين من عمرها، وكانا ثنائيًا "مذهلاً" لخمس سنوات.

وكان الممثل الفرنسي يفضل وصف تأثيره على النساء بـ"الساحر" لا "المغوي" لأن "الإغواء يتم عن سابق تصميم، على عكس السحر"، بحسب قوله.

وقيل إن علاقات جمعته بالمغنية داليدا، ومادلي بامي، والمغنية نيكو، وتشارك الممثل الحياة مع الممثلة ميراي دارك بين عامي 1968 و1983، وقالت ذات مرة: "لقد مررنا بفشل فعلي، ولم أستطع إنجاب طفل"، غير أنه قال عند وفاتها عام 2017: "كانت امرأة حياتي، ومن دونها يمكنني الرحيل أيضًا".

وبعد قصة حب مع الممثلة آن باريّو، عاش ديلون منذ نهاية ثمانينيات القرن العشرين وحتى العام 2001 مع الهولندية روزالي فان بريمن. وقد أنجب الثنائي طفلين عامي 1990 و1994، هما أنوشكا وآلان فابيان.

وفي الثمانين، تقاعد في منزله في دوشي مع هيرومي رولين، التي كان يقدّمها على أنها مدبرة منزله لكنها وصفت نفسها بأنها حبيبته، حتى طردها أبناء الممثل في صيف 2023، متهمين إياها بإساءة معاملته.

بعد حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان مايو 2019، توجه آلان ديلون للمرة الأخيرة إلى معجبيه في نص مؤثر، بلهجة أشبه بوصية، كأنه يودع العالم.

وقال ديلون في رسالته الوداعية: "غداة حصولي على هذه السعفة الذهبية الفخرية، أشعر برغبة في شكر جميع أولئك الذين عبّروا لي بطريقة أو بأخرى عن عاطفتهم وتعاطفهم، وأكثر من ذلك".

وأضاف: "بينما تشارف رحلتي نهايتها، أودّ أن أقول إني عرفت الكثير من الشغف، والكثير من الحب، والكثير من النجاحات والإخفاقات، والكثير من الجدل، والكثير من الفضائح، والقضايا المظلمة، والكثير من الذكريات، والكثير من الفرص الضائعة، واللقاءات العفوية، والكثير من الصعود والهبوط".

واختتم ديلون خطابه الأخير: "عندما لا تعود الأمجاد سوى ذكريات عبثية وبعيدة، ثمة أمر واحد فحسب سيبقى مشرقًا باستمراريته وطول بقائه هو أنتم، أنتم وحدكم، وددت أن أقول لكم، شكرًا، شكرًا، شكرًا".