"البيت فاضي من اثنين".. أول رمضان لفلسطينية من دون ولديها

قالت الأم عبير لبلينكس، إنها كانت تشعر بالأمان، لأن ولديْها في المستشفى، وأضافت: "الاقتحام دائما يكون للمخيم، وأنا أكون مرتاحة البال، لأن ولديّ فيه".

منذ أن أصيب باسل ومحمد في أكتوبر 2023 وهما يرقدان في مستشفى ابن سينا في جنين. بعد فترة قصيرة تعافى محمد، لكنه ظل ينام في المستشفى بجانب أخيه الأصغر باسل الذي عانى من تلف في جزء من النخاع الشوكي أفقده الحركة.

تتذكر عبير آخر أيام ولديْها، إذ تمكن باسل من تحريك أطرافه بعد أشهر من الشلل، وهذا لأن العائلة أصرت على "أن يمارس باسل تمارين طبية وعلاجا طبيعيا".

وتتهم إسرائيل الأخويْن بأنهما ينتميان إلى كتيبة جنين، وهي مجموعة من المسلحين الفلسطينيين الذين ينفذون أنشطة عسكرية ضد الجيش والمستوطنين الإسرائيليين.

في نهاية الشهر الأول من 2024، وفي تمام الساعة 6 صباحا من يوم 30 يناير، دخلت إحدى العائلات إلى المستشفى تريد الاطمئنان على قريبة لها تضع مولودها فيه.

كان مع العائلة ممرض يرافقهم إلى قسم الولادة الموجود في الطابق الثالث من المبنى الرئيسي، وهو الطابق نفسه الذي يوجد فيه قسم العلاج الطبيعي، إذ يرقد باسل ويرافقه محمد.

كانت العائلة عبارة عن "قوة خاصة إسرائيلية متنكرة"، أخرج أفرادها البنادق وقتلوا الأخوين الغزاويين مع صديقهما محمد جلامنة وفروا هاربين.

تعتبر عبير نفسها "في كابوس" منذ ذلك اليوم، فهي -بحسب تعبيرها- لم تستعد صوابها حتى اللحظة، لذلك فهي لا تشعر أن رمضان قد بدأ، وأصرت في حديثها مع بلينكس على أن "رمضان لم يأتِ ولن يأتي مرة أخرى".

"قبل رمضان بيومين كان قد مضى على استشهاد ولديّ 40 يوما"، هكذا بدأت تشرح عبير تسلسل الأحداث بالترتيب الزماني لبداية رمضان. في اليوم الـ40 بعد مقتلهما وزعت على روحهما الحلوى.

قبل رمضان بيوم صادف عيد ميلاد محمد، فذهبت الأم واحتفلت بعيد ميلاد ابنها فوق قبره وأخذت له باقة من الورد "لأنه يحب الورد"، حسب ما أوضحت.

مع الورود الحمراء على القبر، اصطحبت الأم زجاجة عطر رشتها على قبر محمد، وعطرت ترابه، معللة ذلك بأنه "دائما كان يحب العطر والرائحة الحلوة على ملابسه".

في أول يوم من رمضان طبخت الأم "محشي" أي كوسا باللبن، وهي الأكلة المفضلة لدى ابنها الأكبر محمد، أما باسل فلم يكن يفضل أكل البيت وكان يحب الشاورما والبرغر والأكل الجاهز. خلال حديثها، لمست الأم صورة ابنيها وقالت: "البيت فاضي، فاضي مش من واحد، فاضي من اثنين".

قبيل أذان المغرب، إذ رافقت كاميرا بلينكس الأم خلال إعدادها للمقلوبة، بدأت الأم تجهيز مائدة الإفطار، وشرحت كيف كان يجلس محمد على اليسار، لأنه يأكل باليد اليسرى، في حين كان باسل يجلس بجانب أبيه في صدر المائدة.

منذ 7 أكتوبر قصفت إسرائيل باستخدام الطائرات المسيرة وطائرات الأباتشي مواقع عدة في مخيم جنين، منها المقبرة الرئيسية ومسجد الأنصار وساحة المخيم.

وبحسب وسائل إعلام محلية، واستنادا إلى معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، قتلت إسرائيل 437 مواطنا فلسطينيا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر وجرحت نحو 4 آلاف و700 شخص.

ومن بعد أول يوم في رمضان، بعد أن اجتمعت عبير بزوجها على السفرة من دون ولديْها، أصبحت الأم تبتعد عن طبخ أي أكلة محببة لولديْها، في محاولة منها التعايش مع الحياة من دون نجليها والذكريات التي تربطها بهما.