كيف مسحت الحرب عائلات في غزة من جذورها؟

وفقا للوكالة الأميركية، استهدفت غارات إسرائيلية العديد من المباني السكنية والملاجئ التي كانت تضم عائلات بأكملها داخلها، ولم يكن بين هذه المباني أي هدف عسكري واضح أو تحذير مباشر لأولئك المتواجدين بالداخل.

وفي إحدى هذه الحالات، قالت عائلة إنها رفعت راية بيضاء على مبناها في منطقة قتال.

وقالت وكالة أسوشيتد برس أنها قامت بتحديد الموقع الجغرافي للضربات وتحليلها، واعتمدت على بيانات من منظمة "Airwars"، وهي منظمة تعنى بمراقبة الصراعات ومقرها في لندن.

وقال رشيد الخالدي، المؤرخ الفلسطيني الأميركي في جامعة كولومبيا، إن هذه الحرب أكثر فتكا من نكبة عام 1948، التي قتل فيها 20 ألف شخص.

هذه المرة، وصل عدد القتلى في قطاع غزة إلى نحو 37347 قتيل، ويقول الخالدي: "لا أعتقد أن التاريخ الفلسطيني الحديث شهد أمرا مماثلا".

عائلة الأغا، هي إحدى النماذج التي يطرحها التحقيق، إذ توفي بين صفوفها 31 قتيلا.

وبدأ استهداف العائلة بغارة جوية في 11 أكتوبر، دمرت منزل أمين الأغا غربي خان يونس، والمكون من طابقين، وأسفرت عن مقتل 11 فرد من العائلة.

قال جاسر الأغا، ابن عم أمين الذي وصل بعد وقت قصير من الضربة: "لم يعد منزلا. كان كومة من الرمال".

لكن الاستهداف استمر، ففي صبيحة يوم 14 أكتوبر، أصابت قنبلة إسرائيلية منزل خميس الأغا، وهو موظف في مؤسسة خيرية مرتبطة بحركة حماس، ليتحول المبنى المكون من ثلاثة طوابق في وسط خان يونس إلى أنقاض. ولم تنج من العائلة سوى زوجة الأخ.

في 14 نوفمبر أصاب صاروخ منزل عوني الأغا، وهو ابن عم خميس، ليدمر المبنى المكون من ثلاثة طوابق غربي خان يونس، عوني المسؤول بوزارة التعليم، نجا أيضا من القصف لأنه استيقظ لصلاة الفجر، لكنه توفي بعد 3 أشهر، فيما يبدو أنه بسبب الحزن على فقدان عائلته بحسب جاسر الأغا.

وأشارت إميلي تريب، مديرة منظمة "Airwars"، إن محققيها واجهوا صعوبة في التعامل مع مقتل أجيال من عائلات بأكملها، مضيفة "في بعض الأحيان كان علينا إنشاء شجرة عائلية لفهم الضرر المدني".

أما عائلة أبو النجا، فقد سقط منها 20 قتيلا، عندما قصفت طائرات إسرائيلية منازل عائلتي أبو النجا وماضي، جنوبي رفح في 17 أكتوبر، بين القتلى كان امرأتان حاملان وثمانية أطفال.

وقالت منظمة "Airwars" إن أحد الرجال الذين قتلوا تم التعرف عليه على فيسبوك باعتباره "مجاهدا"، ولكن يعتبر قتل مقاتل لا يشارك في الأعمال العدائية ويتواجد في مكان مزدحم بالمدنيين انتهاكا لقوانين الحرب.

عائلتا ترزي والصوري، فقدتا أيضا نحو 20 قتيلا، لكننا نتحدث هنا عن غارة جوية دمرت مبنى كنيسة لجأ إليها مئات النازحين.

ووقعت الغارة الجوية في 19 أكتوبر، وقتلت أفراد العائلتين المنتميتين إلى مجتمع مسيحي متضائل بالفعل في غزة، وبينهم 7 أطفال على الأقل.

قال الجيش الإسرائيلي حينها إنه استهدف مركزا للقيادة والسيطرة تابعا لحركة حماس، متهما الحركة بالاختباء بين المدنيين، واعترف بتضرر جدار الكنيسة.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه حتى لو تم تحديد هدف عسكري، فإن ذلك "كان متهورا وبالتالي يرقى إلى جريمة حرب".

في 31 أكتوبر الماضي، شهد مخيم جباليا للاجئين، أحد أكثر الهجمات دموية في الحرب، ويُعتقد أنه قد سقط فيها أكثر من 130 قتيلا، وما يزال العدد الفعلى غير معروف نظرا لأن القتلى ما يزالوا تحت الأنقاض.

ونشرت منظمة "Airwars" أسماء 112 قتيلا ينتمون لـ 11 عائلة، بينهم 69 طفلا و22 امرأة.

47 فردا منهم على الأقل من عائلة عكاشة وأبو القمصان.

أما في نوفمبر الماضي، فاستهدفت غارة إسرائيلية مسجدا في حي الصبرة بمدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 44 من عائلة دغمش.

قامت عائلة دغمش ببناء المسجد، ونفى رجب دغمش، الذي يبلغ من العمر 21 عاما، انتماءه لأي فصيل مسلح وأكد أن أسرته لا تسمح بأي نشاط مسلح في حيها، بل أن هناك خلاف بين العائلة وبين حماس، جعل المنطقة محضورة على مسلحي الحركة.

في يومي 11 و19 ديسمبر، دمرت غارات جوية ملجأين منفصلين لعائلة سالم، ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 173 فرد من العائلة، بينهم أطفال وكبار سن وامرأة حامل واحدة على الأقل.

وقال محمد سالم، الذي نجا من غارة 19 ديسمبر: "رأيت جثث أعمامي وأبناء عمومتي متناثرة على الأرض. لم نتمكن من التعرف على الجثث إلا من خلال بطاقات الهوية الخاصة بهم. كانوا مجرد كومة من اللحم".

أما في مخيم المغازي للاجئين، فقال شهود عيان إن أربعة منازل على الأقل، تضم العديد من النازحين الفلسطينيين، أصيبت بشكل مباشر في 24 ديسمبر.

وتمكنت أسوشيتد برس من الوصول إلى سجلات المستشفى بعد الضربة التي شهدت مقتل 106 أشخاص، ومن خلال شهادات الوفاة وبيانات وزارة الصحة الجزئية، تمكنت من تحديد 36 قتيلا من عائلات النواصرة وأبو حمدة وقنديل.

وقالت إسرائيل إنها كانت تستهدف مسلحين من حماس وضربت عن طريق الخطأ مبنيين متجاورين.

وفي أول بيان نادر للاعتراف بضربة خاطئة، عبرت إسرائيل عن أسفها على "إصابة غير المتورطين"، وقالت إنها اتخذت التدابير اللازمة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين.