"الرئيس المختار".. كيف يكسب ترامب مؤيديه بالدين؟

بالنسبة لبعض أنصار ترامب، تجلت الإرادة الإلهية التي تحمي الرئيس يوم السبت 13 يوليو، عندما أخطأته رصاصة توماس ماثيو كروكس، وبالكاد أصابت أذنه، على منصة التجمع الانتخابي في بتلر بولاية بنسلفانيا.

تجلت تلك الرؤية بين مندوبي المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، فعلى سبيل المثال، قال مندوب المؤتمر القس، ناثانيال توماس، لصحيفة نيويورك تايمز، إنه لا يعتقد أن ما حدث مع ترامب مجرد "حظ" وإنما "حماية من الله".

وشارك بعض من أنصار ترامب وحتى أعضاء الكونغرس آيات من الكتاب المقدس على مواقع التواصل الاجتماعي، لتدلل على أن العناية الإلهية هي من حرفت مسار الرصاص التي كادت تقتل المرشح الجمهوري، بحسب تقرير أعدته صحيفة واشنطن بوست.

وقال الملاكم جيك بول، إن تلك اللحظة أثبتت "مَن يريد الله أن يفوز". فيما قال النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، بايرون دونالدز، إنه أخبر ترامب أن يد الله تحفظه.

حتى حملة ترامب نشطت في ترديد هذا الخطاب، إذ قالت المتحدثة باسم الحملة كارولين صن شاين، إن ترامب نجا بفضل "تدخل إلهي".

أما المرشح الجمهوري شخصيا، فقد عزز تلك النغمة بمنشوره على منصة تروث سوشيال، الذي قال فيه: "لقد كان الله وحده مَن منع حدوث ما لا يمكن تصديقه".

للوهلة الأولى، لا يبدو ترامب شخصا متدينا على نحو خاص، فقد مر الرئيس بتجربة الطلاق مرتين سابقا، وبالرغم من أنه وصف الكتاب المقدس بكتابه المفضل خلال حملته الرئاسية في العام 2016، إلا أنه نادرا ما زار الكنيسة خلال فترة رئاسته.

وعندما سُئل عن آيته المفضلة في الكتاب المقدس خلال مقابلة في العام 2015 رفض المرشح وقتها الإجابة على السؤال، مؤكدا أن الأمر "شخصي للغاية"، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

لكن تلك المقدمات لم تمنع الرئيس السابق من استخدام المصطلحات والألفاظ الدينية طوال فترة رئاسته، على نحو ملحوظ يفوق الرؤساء السابقين عليه بهامش كبير، حسب ما وجد تحليل أعده زميل الأبحاث بجامعة ويسكونسن ماديسون، سيري هيوز، ونُشرت بعض نتائجه في مقال على موقع ذا كونفيرزيشن.

وفي تحليله وجد هيوز أن الرئيس السابق، استخدم اللغة الدينية بمستويات أعلى من أي رئيس أميركي على مدار الـ 100 عام الماضية، وذلك بعد رصده لاستخدام الرؤساء للمصطلحات الدينية، أو ذكر "الله" بشكل مباشر.

واستخدم ترامب المصطلحات الدينية بمعدل يصل إلى 7.3 مصطلح لكل ألف كلمة، وذلك مقارنة بمتوسط الرؤساء الآخرين الذي يبلغ 3.5 مصطلح لكل ألف كلمة.

يعتقد سيري هيوز، أن خطاب ترامب المرصع بالمصطلحات الدينية يأتي في إطار استراتيجية منظمة لكسب ود المتدينين المحافظين، مؤكدا أنه تمكن بالفعل في الانتخابات عام 2016 من كسب قطاع المصوتين الإنجيليين، الذي عادة ما يميل جهة الجمهوريين.

إلا أن هيوز يقول إن ترامب كسب نسبة أصوات من الإنجيليين البيض أكثر من أي مرشح سابق، خاصة وأن أجندة سياساته، تتفق مع قائمة أولويات تلك الفئة من المصوتين.

في السباق الانتخابي للعام 2024، احتفظ ترامب بنفس النزعة الخطابية الدينية، وإن لم تكن جلية، فعلى سبيل المثال، قرر الرئيس في مارس الماضي أن يدعو الأميركيين للصلاة، وبالأحرى شراء كتب مقدسة يبيعها المرشح الرئاسي شخصيا، والتي أطلق عليها God Bless the USA Bible.

وكتب ترامب حينها على منصة تروث سوشيال: "أسبوع مقدس سعيد، فلنجعل أميركا تصلي مجددا، وباقترابنا من الجمعة العظيمة وعيد الفصح، أشجعكم على الحصول على نسخة من God Bless the USA Bible".

سعر الكتاب المقدس الذي باعه ترامب بلغ 59.99 دولار أميركي.

يبدو أن استراتيجية ترامب تلقى رواجا لدى بعض الفئات من المتدينين في الولايات المتحدة، فبحسب بيانات مركز بيو للأبحاث، يقول ثلثي الإنجيليين البروتستانت البيض في الولايات المتحدة إنهم يفضلون ترامب، بينما ينظر 51% من الكاثوليك البيض له نظرة إيجابية، كما ينظر إليه أيضا 47% من البروتستانت غير الإنجيليين نظرة إيجابية.

وتقول بيانات مركز بيو إن المسيحيين الذين يمارسون الطقوس الدينية بشكل دوري، كزيارة الكنيسة، يعبرون عن قبول لترامب مكافئ لهؤلاء غير الملتزمين بالطقوس الدينية.

إلا أن هؤلاء الأشخاص لا يعتقدون بالضرورة أن ترامب متدين، فنحو 8% من هؤلاء الذين ينظرون للمرشح الجمهوري نظرة إيجابية يعتقدون أنه متدين جدا، بينما يعتقد 51% منهم أنه متدين إلى حد ما، ويعتقد 38% أنه غير متدين إطلاقا.

لكن في الوقت ذاته يعتقد 51% من هؤلاء أن ترامب يناصر من يمتلكون قناعات دينية مشابهة لهم.