حرب "نتنياهو - غالانت".. كيف اشتعلت جبهة إسرائيل الداخلية؟

بدأت الأزمة، الإثنين، في اجتماع بمكتب وزير الدفاع، حضره أعضاء لجنة الخارجية والأمن بالكنيست.

تطرق غالانت للعديد من الموضوعات، بينها حاجة الجيش إلى تجنيد فئات إضافية، والجهود المبذولة لمحاولة استعادة الأسرى، لكن ما ظهر للسطح في الاجتماع كان حديثه المُبطن الذي هاجم فيه رئيس الوزراء.

وجاء الهجوم في سياق رد غالانت على تساؤلات أعضاء الكنيست حول سبب عدم تقدم إسرائيل للحرب على الجبهة الشمالية مع حزب الله، حينها قال وزير الدفاع إن ما يمنع إسرائيل الآن هو أن الظروف في الشمال لم تعد كما كانت في بداية الحرب، حين أيد هو وقتها فتح جبهة جديدة.

وأكمل غالانت حديثه قاصدا نتنياهو الذي عارض مجابهة حزب الله حينها: "أسمع كل الأبطال الذين يقرعون طبول النصر المطلق، هذا هراء. لقد رأيت شجاعة القلب عندما تعلق الأمر بالمناقشة".

ذلك الحديث لم يرق لبعض الموجودين في الاجتماع، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، ومن بينهم عضوة الكنيست تالي جوتليب، التي عارضت حديثه بشدة، وظلت تقاطعه إلى أن أنهى وزير الدفاع الجلسة بشكل مفاجئ، كما قالت مصادر لموقع القناة 12 الإسرائيلية.

وعندما غادرت جوتليب الاجتماع دعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراحة إلى إقالة غالانت من خلال منشور على منصة إكس.

نتنياهو لم يفوّت ما دار في الاجتماع المغلق، بل في غضون فترة وجيزة، نشر مكتبه بيانا هاجم فيه غالانت وحديثه.

واتهم البيان غالانت بتبني "سردية معادية لإسرائيل"، مما يضر من وجهة نظره بجهود التوصل لاتفاق من أجل استعادة الأسرى بحسب هيئة البث الإسرائيلية.

وقال بيان نتنياهو: "كان ينبغي له أن يهاجم السنوار، الذي يرفض إرسال وفد للمفاوضات، والذي كان ولا يزال هو العائق الوحيد أمام التوصل لصفقة بشأن المختطفين".

وأكد رئيس الوزراء أن أمام إسرائيل "خيار واحد" وهو تحقيق "النصر الكامل" والقضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وأضاف: "هذا النصر سيتحقق، هذه هي توجيهات رئيس الوزراء والحكومة الواضحة، وهي ملزمة للجميع، بما في ذلك غالانت".

إلا أن بيان نتنياهو ذكر أيضا أن هذا النصر الكامل يتطلب أيضا "غالانت"، الأمر الذي سارع مقربون من نتنياهو لتفسيره بأنه رغم التوتر في علاقة الرجلين، فإن إقالة وزير الدفاع غير مطروحة الآن، وذلك في خضم الحرب، وحالة التأهب المتعلقة برد فعل إيران وحزب الله المرتقب، كما وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت.

وقال أحد المقربين من رئيس الوزراء: "نتنياهو لا يتأثر بالمتمردين، ويدرك أنك لا يمكن أن تُقيل وزير الدفاع في خضم الحرب".

على الرغم من تأكيد الدوائر المقربة أن موعد خروج غالانت من المشهد لم يأت بعد، فإنه على مدار أشهر تداولت تقارير وجود رغبة سياسية في التخلص من وزير الدفاع، وذلك بعد أن اتسعت الهوة بينه وبين رئيس الوزراء على مدار 10 أشهر من الحرب، بالإضافة إلى خلافات سابقة.

الشقاق الأبرز بين الرجلين، يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، الذي عمد رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى عرقلته غير مرة، فيما أعلن غالانت بوضوح أنه "من الصواب والضروري عقد صفقة لإعادة الأسرى"، كما حذر من أن نافذة الفرصة "محدودة" من أجل القبول بمقترح الرئيس الأميركي جو بايدن.

غالانت فتح النار على نتنياهو أيضا فيما يتعلق بتقاعسه عن وضع خُطة واضحة لليوم التالي للحرب، واتهمه بأنه يدفع إسرائيل لمنحدر خطير، تُجبر من خلاله على إعادة احتلال عزة بالكامل، ومن ثم إهدار موارد الدولة.

بالرغم مما يسببه وزير الدفاع من إزعاج لنتنياهو، إلا أن التجربة العملية أثبتت أن التخلص من غالانت ليس بالأمر اليسير، والدليل على ذلك محاولة نتنياهو إقالة وزير دفاعه العام الماضي، إبان محاولة تمرير حزمة التعديلات القضائية المثيرة للجدل.

حينها، اتخذ وزير الدفاع صف ضباطه وجنوده، ممن سرت بينهم انقسامات واحتجاجات بسبب تعديلات نتنياهو، لم يرُق ذلك لرئيس الوزراء الذي قرر طرد غالانت لكنه اضطر إلى إعادته لمنصبه عندما تفاقمت الاحتجاجات.