سنتان على شغور رئاسة لبنان.. قرار الحرب والسلم بيد حزب الله

سياسيون لبنانيون أجمعوا على أن غياب رئيس الجمهورية يهدد نظام لبنان السياسي بأكمله، خصوصا وسط التطورات الإقليمية الراهنة والمخاطر المرتبطة باندلاع حرب مع إسرائيل.

النائب في البرلمان اللبناني وعضو تكتل "التيار الوطني الحر" غسان عطالله، صرح لبلينكس قائلا إن "غياب رئيس الجمهورية يعني عدم انتظام المؤسسات من جهة، وجعل جهات سياسية محددة تستفرد بالقرارات من جهة أخرى، ما يؤدي في النهاية إلى انهيار الدولة وتحللها".

وأضاف أن الحرب القائمة، كانت تفرض على الأطراف السياسية المبادرة فورا إلى انتخاب رئيس ليكون هو المفاوض الأول باسم الدولة، باعتبار أن الظرف استثنائي، "لكن هذا الأمر لم يحصل"، وفق قوله.

وأوضح أن المبادرات التي طرحها التكتل في سبيل حل عقدة الرئاسة، "لم تلقَ أي تجاوب، وهناك من يستفيد من الشغور الرئاسي خدمة لمصالحه".

بدورها، قالت عضو المكتب السياسي في حزب "الكتائب اللبنانية" ريتا بولس، في حديثها لبلينكس إن من يهدد كيان الدولة هو "حزب الله"، من خلال جعل البلاد "رهينة مصالحه ومحور إيران".

وأوضحت أن غياب رئيس الجمهورية هو من مصلحة حزب الله بالدرجة الأولى، فالأخير هو الذي يفرض القرارات التي يريدها بمعزل عن إرادة الآخرين.

"الحزب يتخطى الرئاسة، والدولة ويقودنا لنكون تحت سلطة الدويلة، ما يؤدي إلى تدمير نظام لبنان بالكامل"، وفق قولها.

بين 7 أكتوبر 2023 ولغاية اليوم 16 أغسطس الحالي، حضر إلى لبنان 26 موفدا أجنبيا، أبرزهم الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه، الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وزير خارجية بريطانيا السابق ديفيد كاميرون، وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك.

أبرز "المفاوضين" بين هؤلاء الموفدين هو الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، الذي حضر إلى لبنان 6 مرات خلال 10 أشهر، فيما كانت مفاوضاته الأساس مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي.

الأمر هذا توقف عنده مسؤول الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور، الذي اعتبر أن برّي لا يفاوض باسم الدولة اللبنانية، بل باسم "حزب الله"، وأضاف "المسألة هذه خطيرة جدا، فيما لبنان الرسمي هو صورة فقط أمام الحزب الذي يقرر مصير بلد بأكمله ويستغل الدولة لتكون وسيطا له".

من جهتها، تقول بولس إن "حزب الله" يستفيد تماما من عدم انتخاب رئيس للجمهورية باعتبار أن برّي هو الذي يفاوض عنه، مشيرة إلى أن استمرار الشغور الرئاسي سيكون خدمة لمخططات الحزب "التي جعلتنا نرتبط بمحاور قتالية وباشتباك عسكري أدى إلى شلّ حياة اللبنانيين".

عبر بلينكس، ردّ نائبان من حركة "أمل" التي يرأسها برّي، وهما أيوب حميّد وقاسم هاشم، على ما يُقال بشأن بري ورئاسة الجمهورية، وقد أجمعا على التالي:

• بري كان أول من طرح المبادرات التي من شأنها أن تؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية.
• رئيس مجلس النواب طرح مبدأ الحوار والتلاقي من أجل انتخاب رئيس لكن الأفرقاء الآخرين رفضوا ذلك.
• بري يمارس دوره من منطلق وطني، كما أن رئيس مجلس الوزراء يفاوض الموفدين ويلتقي بهم لأنه في حال خلو سدّة الرئاسة لأي علّة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء، وذلك وفق المادة 62 من الدستور.
• إن الكلام عن اختزال السلطة هو غير صحيح، ومن عرقل الحوار هو الذي يتحمل مسؤولية الشغور.

إن غياب رئيس للجمهورية، يكشف عن معضلات دستورية تشهدها الدولة اللبنانية، بينما الأمر الأخطر، بالنسبة لمن تحدثوا مع بلينكس، هو استمرار نهج السلطة الحالية قائما على ما هو عليه، وبالتالي نسيان موقع الرئاسة.

رئيس المجلس الدستوري السابق عصام سليمان قال لبلينكس إن كل ما يحصل في البلد "غير دستوري"، مشيرا إلى أن الحل لانتظام الدولة هو انتخاب رئيس للجمهورية، وأضاف "يجب على النواب وضع خلافاتهم جانبا، وما يجري الآن هو حلول ترقيعية ولا تغني عن انتخاب رئيس".

بالنسبة للتفاوض الذي تقوم به الدولة اللبنانية مع الموفدين الدوليين، يعتبر سليمان أن كل ما يجري هو مخالفة، ومن يتولى التفاوض هو رئيس الجمهورية باعتبار أن هذا الأمر يمثل صلاحية لصيقة به تماما، وبالتالي لا يمكن للحكومة أن تتولى ذلك نيابة عن رئيس البلاد.

سليمان اعتبر أن المشلكة ليست في الدستور بل في الممارسة، مشيرا إلى أن الحلول الآنية لا تجدي نفعا، لأن الشغور القائم ينعكس على أداء المؤسسات وخصوصا تلك العسكرية.

كما هو معروف في لبنان، فإن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما أنه يترأس اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع. أما الآن، وفي ظل الشغور الرئاسي، فإن المجلس الأعلى للدفاع "مغيّب"، وبالتالي لا حراك له رغم كل المخاطر العسكرية التي تهدد لبنان واقتراب البلاد من الحرب.

وفقا لقانون الدفاع الوطني الصادر عام 1983، فإن المجلس الأعلى للدفاع يتألف من رئيس الجمهورية الذي يعتبر رئيسه، رئيس الحكومة (نائب رئيس المجلس)، وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والمالية والاقتصاد.

على صعيد مهام المجلس، قال سليمان إنه على "المجلس الأعلى للدفاع" مكافحة التجسس والنشاط المعادي بمختلف أشكاله، بالإضافة إلى أمور أخرى، ويضيف "حاليا وبسبب عدم وجود رئيس للجمهورية، فإنه لا جلسات للمجلس الأعلى للدفاع وأي اجتماع للمجلس من دون رئيس للجمهورية، عندها فإن الأمر سيشكل مخالفة للدستور".

بدورها، تقول بولس إن "حزب الله هو الذي اختزل قرار الحرب والسلم من دون أن يكون للدولة كلمتها"، مشيرة إلى أن مصلحة التنظيم أيضا، هو وجود مجلس أعلى للدفاع يقرر سياسة البلاد الدفاعية ويحدد مصير ما يمكن أن يحصل في الجنوب.

في المقابل، تتفق بولس وجبور على مسألة أساسية، وهو أن قرار لبنان مخطوف من قبل حزب الله، فيما حاكمه الفعلي هو أمين عام الحزب حسن نصرالله، كما أشارا إلى أن ما يجري الآن في جنوب لبنان يحتاج إلى قرار حسم من لبنان ومن خلال رئيس جمهورية، وليس من إيران ووكلائها.