عقدة انتخاب رئيس البرلمان العراقي.. خريطة التحالفات والعرقلة

انقسام جديد بشأن انتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقي، شهدته القوى السياسية السنيّة في البلاد، بعد إعلان تحالف السيادة، بزعامة خميس الخنجر وتحالف العزم، بزعامة مثنى السامرائي، تمسكهما بترشيح محمود المشهداني الذي كان في الجولة السابقة مرشّح للحلبوسي، غريمهم في المنافسة.

ترشّح محور السيادة للمشهداني، جاء كرد فعل على عقد أطراف سياسية سنيّة عدة، يتقدمها حزب تقدم الذي يترأسه الحلبوسي، قبل أيام، اجتماعا أعلنت فيه أن لديها 55 نائبا عن المكون السني، داعية في الوقت نفسه إلى فتح باب الترشيح لمنصب رئيس مجلس النواب لتقديم المرشح الجديد الذي يمثلها.

ويؤكد من خلاله حزب تقدم، فتح باب الترشيح مجددا لتقديم أحد نوابه للمنصب. الأمر الذي يرفضه أجزاء من الإطار التنسيقي الحاكم في العراق، ويقبل به طرف واحد داخله هو نوري المالكي.

الإطار التنسيقي أوضح أن بقاء محسن المندلاوي، القريب منه برئاسة مجلس النواب هو بيد القوى السياسية السنيّة.

وقال النائب عن الإطار، مختار الموسوي، في تصريحات صحفية إن "هناك عزما على حسم ملف انتخاب رئيس مجلس النواب، ولا يمكن إعادة فتح باب الترشيح مجددا، فهذا الأمر رفضه الإطار بشكل قاطع".

وبيّن الموسوي أن "صاحب الحظ الأوفر حاليا هو محمود المشهداني، لكن المتغيرات قد تحصل في أي لحظة، وتتغير البوصلة من جديد، فلا شيء ثابت ومحسوم بهذا الملف".

وختم النائب عن الإطار التنسيقي قوله إن "الإطار التنسيقي لا يدعم مرشح واحد لرئاسة مجلس النواب"، موضحا أن "كل طرف بالإطار مع مرشح معين، لكن الأكيد أنه يدعم أي مرشح واحد يقدمه البيت السياسي السنّي بالإجماع".

وأكد أن الإطار "مع الإجماع السني بأي مرشح يدعمه بشكل واضح وعلني"، لافتا إلى أن "الإجماع الأخير على المشهداني زاد من حظوظه مؤخرا".

كشف ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، الأسبوع الماضي، عن إمكانية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، وهو أمر لطالما نادى به رئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، لإتاحة المجال أمام تقديم مرشح من حزبه لخلافته.

يأتي ذلك بعد أن أعلنت 6 قوى برلمانية سنيّة، مساء الثلاثاء الماضي، أنها ستقدم مرشحا جديدا ليشغل منصب رئيس مجلس النواب بدلا من المقال محمد الحلبوسي، مؤكدة أنها تمتلك الأغلبية البرلمانية.

القوى هي: حزب تقدم، وحزب الجماهير الوطنية، وتحالف الحسم الوطني، وكتلة الصدارة، والمشروع الوطني العراقي، وكتلة المبادرة، والاتفاق على تقديم مرشح جديد لمنصب رئيس مجلس النواب العراقي، مشيرة إلى أنها تملك 55 مقعدا داخل البرلمان.

وجاء في بيان مشترك للكتل الـ6 بعد انتهاء اجتماعها الذي عقد في منزل رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، أن "القوى السياسية الممثلة للمكون السني (بعدد 55 نائبا) اتفقت على ترشيح مرشح جديد لتولي منصب رئيس مجلس النواب، وتقديمه إلى الكتل السياسية الوطنية لتأييد الترشيح وحصول القبول الوطني لحسم هذا الاستحقاق".

وأشار البيان إلى "العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح باب الترشيح، وانتخاب رئيس السلطة التشريعية المرشح من الغالبية السنيّة الواضحة المطلقة لإكمال الفترة المتبقية من الدورة التشريعية الخامسة، وتأدية المهام الدستورية، وإتمام ورقة الاتفاق السياسي وما تتضمنها من تشريعات وقوانين، تخدم الشعب وتحقق البرنامج الحكومي بجوانبه التشريعية".

في تحول مفاجئ، أعلن رئيس حزب الوطن مشعان الجبوري، الأحد الماضي عن استقباله رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي في منزله، في بادرة لطوي الخلافات وبحث قضية اختيار رئيس لمجلس النواب، مؤكدا أن وجهات نظرهما كانت "متقاربة جدا".

بعدها برر الجبوري الزيارة بأنه مخّول من السيادة للتفاوض من أجل اختيار مرشح تسوية.

وتأتي هذه الزيارة بعد أشهر من المشادات التي كان فيها مشعان، أشد المهاجمين للحلبوسي، مطالبا بمحاكمته وبأنه صاحب مشروع انفصالي.

لكن حزب السيادة، بزعامة خميس الخنجر، نشر بيانا قال فيه إنّ نائب رئيس الحزب عبد الخالق العزاوي، هو المسؤول المعني الوحيد بالتفاوض، والتحدث نيابة عن الخنجر بما يتعلق بالملفات السياسية الراهنة، وأشار أيضا إلى أن مواقفه تعلن عبر المتحدث باسمه، خالد المفرجي.

وردا على البيان، طالب مشعان الجبوري، حزب السيادة باعتذار رسمي إثر البيان، قائلا عبر حسابه في منصة إكس "ادعى المتحدثون عن السيادة بأني لم أكن مخولا بالتفاوض على مرشح تسوية لرئاسة مجلس النواب، فيما الحقيقة أني تفوّضت من الشيخ الخنجر وببصمة صوتية بتاريخ 13-8 ومحدد فيها اسم المرشح".

وشدد الجبوري، "عليه أطالب السيادة اليوم بإصدار بيان اعتذار عن نفيهم تخويلي، وإلاّ سأضطر لنشره (البصمة الصوتية) ليعرف الرأي العام من الكاذب".

النائب السنّي يحيى العيثاوي، أوضح أنه "ولحد الآن، لم يتم حسم الموضوع بنسبة 100%، فمرة يتم تداول مدى إمكانية فتح باب الترشيح مرة ثانية، ومرة البقاء على نفس المرشحين في الجولات السابقة"، موضحا أن الأطراف السنيّة "لم تذهب باتجاه حل كما تريده بعض الكتل السياسية".

ورأى أن "العملية ستبقى رهن إشارة الكتل السياسية"، مؤكدا أن "هناك تدخلات كثيرة من الإطار التنسيقي وبعض الأحزاب الأخرى، والتي أصبح لديها تأثير في اختيار رئيس مجلس النواب، ولم يبق التأثير فقط على مستوى الكتل السنية لأجل اختيار الرئيس"، وفق ما أكده في تصريح لبلينكس.

ونوّه النائب يحيى العيثاوي إلى أنه "في السابق كان للكتل السنيّة دور كبير في اختيار رئيس مجلس النواب، ولكن الآن هناك تدخلات من كل الأطراف التي أصبح لها تأثير من أجل اختيار الرئيس"، متوقعا أن "الموضوع سيستمر لفترة طويلة، والأيام ستمضي ويبقى الصراع على اختيار رئيس المجلس".

وكان البرلمان العراقي قد أخفق 5 مرات تباعا في حسم ملف رئاسة المجلس، في ظل انقسام بين الأطراف السياسية في دعم أحد المرشحين للمنصب، وهما محمود المشهداني، مرشح حزب تقدم في الجولة السابقة، ومرشح السيادة حاليا، وسالم العيساوي، مرشح السيادة والعزم والحسم خلال الجولة الماضية، والذي يبدو أن حظوظه تراجعت.

وشهدت الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس للبرلمان العراقي، التي عقدت في نهاية مايو الماضي، عراكا بالأيدي، وأصيب أحد النواب بجرح في رأسه جراء مشاجرة بين نائبين ينتميان إلى تقدم وعزم.

فضلا عن الشتائم والسباب المتبادلة بين نواب ورئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي، الأمر الذي أفضى إلى تدخل قوات الأمن لفض الشجار، ومغادرة معظم النواب ورؤساء الكتل السياسية قاعة البرلمان، ورفع الجلسة حتى إشعار آخر.