إيران تلوّح بمقترح متوازن.. وتصعيد يهدد مفاوضات النووي والرهائن
تستعد إيران لتقديم مقترحها بشأن الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، بعدما وصفت العرض الأميركي بأنه يتضمّن "التباسات". وفيما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن جولة المحادثات المقبلة ستُعقد الخميس، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، الثلاثاء، أن الجولة الجديدة مقرّرة الأحد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي "سنقدم قريبا مقترحنا إلى الجانب الآخر عبر سلطنة عُمان بمجرد إتمامه. إنه مقترح معقول ومنطقي ومتوازن، ونوصي بشدّة الجانب الأميركي باغتنام هذه الفرصة".
اتفاق نووي.. واتفاق للرهائن
أفاد مسؤولان أميركيان ومصدر ثالث مطّلع لموقع أكسيوس أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اجتمع لساعات، يوم الأحد، مع كامل فريقه الأعلى للسياسة الخارجية في منتجع كامب ديفيد، لمناقشة الإستراتيجية الأميركية بشأن أزمة إيران النووية والحرب في غزة.
ويواجه ترامب انتكاسات في مسارين أساسيين لسياسته الخارجية: التوصل إلى اتفاق نووي يجنّب الحرب مع إيران، واتفاق للرهائن ووقف إطلاق النار قد ينهي الحرب في غزة، حسب أكسيوس.
وقال مسؤول أميركي رفيع لأكسيوس إن الرئيس الأميركي يعتبر الأزمتين مترابطتين.
وصرح المسؤولون الأميركيون أن "الملتقى" في كامب ديفيد تضمن جلسات سياسية عدة.
وشارك في الاجتماع المتعلق بإيران وغزة كل من ترامب، ونائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، وزير الخارجية ماركو روبيو، وزير الدفاع بيت هيغسِث، رئيسة الموظفين سوزي وايلز، المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، وعدد من كبار المسؤولين الآخرين.
وصرّح مسؤول أميركي: "الملتقى أتاح لكل المسؤولين الكبار في الإدارة الجلوس معًا لفترة طويلة ومناقشة هذه القضايا". ولم يرد البيت الأبيض على طلب أكسيوس للتعليق.
ويُنتظر أن تقدّم إيران ردًا رسميًا في غضون 24 ساعة على المقترح الأميركي بشأن الاتفاق النووي، وفقًا لمسؤولين مطّلعين على الملف.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن هناك مؤشرات على أن إيران، رغم رفضها المقترح، ستُبدي رغبتها في مواصلة المفاوضات. وأضاف: "لقد أرسلنا إليهم مقترحًا قاسيًا جدًا، ونتوقع ردًا قاسيًا".
التباسات ولا رفع للعقوبات
انتقد بقائي المقترح الأميركي قائلا إنه "يفتقر إلى العديد من العناصر"، من دون الخوض في التفاصيل.
لاحقا، قال نائب وزير الخارجية مجيد تخت روانجي إن إيران ستقترح "إطارا لاتفاق". وقال لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) "إذا توصلنا إلى اتفاق مبدئي بشأن هذا الإطار، فستبدأ مفاوضات معمقة حول التفاصيل".
وقالت إيران الأسبوع الماضي إنها تلقت "عناصر" من الاقتراح الأميركي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي لطهران، لكنها اعتبرت أن المقترح يحتوي على "الكثير من الالتباسات".
ولم يعرف ما هو محتوى المقترح الأميركي لكن رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، قال الأحد إنه لا يتضمن رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
ويعد رفع العقوبات الاقتصادية وتخصيب اليورانيوم من المسائل الشائكة في المفاوضات.
وفي فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي، أوضح قاليباف أن "عدم ذكر رفع العقوبات (في الاقتراح الأميركي) يظهر بوضوح أن موقف الولايات المتحدة.. متناقض ويفتقر إلى الصدق".
وتابع "إذا كان الرئيس الأميركي الواهم يسعى حقا إلى اتفاق مع إیران، فعليه أن يغير نهجه".
وأعاد ترامب تفعيل سياسة "الضغوط القصوى" على إيران منذ عودته إلى سدّة الرئاسة في يناير، وشدد مرارا على أنه لن يُسمح بتخصيب اليورانيوم في أي اتفاق محتمل.
لكن الأربعاء، أكّد المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن المقترح الأميركي يتعارض مع مصلحة إيران، متمسّكا بأحقية طهران في تخصيب اليورانيوم.
والثلاثاء، قال كبير المفاوضين الإيرانيين، وزير الخارجية عباس عراقجي، "لن نطلب الإذن من أحد من أجل مواصلة تخصيب اليورانيوم في إيران".
وثائق أممية تخص "نووي إسرائيل"
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، رافاييل ماريانو غروسي، الإثنين، إن المعلومات التي زعمت إيران أنها حصلت عليها بشأن البرنامج النووي الإسرائيلي "تبدو متعلقة" بمركز سوريك الإسرائيلي للأبحاث النووية، وذلك في أوّل إشارة من خارج طهران حول هذا الأمر.
وقال غروسي للصحافيين: "لقد اطلعنا على تقارير إعلامية، لكننا لم نتلق أي تواصل رسمي بهذا الشأن. عموما ، يبدو أن الأمر يتعلق بمنشأة سوريك، وهي منشأة أبحاث نقوم بتفتيشها. نحن لا نُفتش الأجزاء الإستراتيجية الأخرى من البرنامج، لكن هذه المنشأة تخضع للتفتيش من جانبنا".
ولم يكشف غروسي عن المزيد من التفاصيل حول مصدر المعلومات التي استند إليها، رغم أن الوكالة الذرية تحتفظ بنظام تقارير سري يتيح للدول الأعضاء الإبلاغ عن الحوادث الأمنية المتعلقة ببرامجها النووية.
وتقع منشأة سوريك، التي تأسست عام 1958، على مسافة نحو 20 كيلومتراً جنوب تل أبيب، وتُعد مختبراً وطنياً للعلوم النووية يركز على العلوم النووية وأمان الإشعاع والفيزياء التطبيقية .
على جانب آخر، قال غروسي إن جمع إيران لوثائق سرية خاصة بالوكالة التابعة للأمم المتحدة خطوة "سيئة" تتعارض مع روح التعاون التي يجب أن تكون سائدة بين الوكالة وطهران.
وقال غروسي في مؤتمر صحفي "هنا، للأسف، وهذا يعود إلى بضع سنوات مضت.. استطعنا أن نحدد بكلّ وضوح أن وثائق تخص الوكالة كانت في أيدي السلطات الإيرانية، وهو أمر سيئ".
وأضاف "نعتقد أن عملا كهذا لا يتوافق مع روح التعاون".
وردا على سؤال حول طبيعة الوثائق وما إذا كانت وثائق إيرانية في الأصل استولت عليها إسرائيل وتم تسليمها للوكالة، قال غروسي "كلا، لقد تلقينا الوثائق من دول أعضاء، ولدينا أيضا تقييماتنا الخاصة بشأن الوثائق والمعدات وما إلى ذلك".
وذكرت الوكالة في تقرير سري عن إيران أرسلته إلى الدول الأعضاء في 31 مايو واطلعت عليه رويترز أن لديها "أدلة قاطعة على أن إيران جمعت بنشاط وثائق سرية للغاية تخص الوكالة وحللتها".
وجاء في التقرير أن هذا "يثير مخاوف جدية إزاء روح التعاون من جانب إيران" ويمكن أن يقوض عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، لكن طهران قالت في بيان للدول الأعضاء الأسبوع الماضي إن الاتهام الوارد في التقرير "محض افتراء" وإنه جاء "من دون تقديم أي دليل أو وثيقة إثبات".
اجتماع لمحافظي الوكالة حول إيران
ويعقد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضمّ 35 دولة اجتماعا فصليا هذا الأسبوع.
وتخطط الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لاقتراح قرار ليتبناه المجلس يتضمن إعلان أن إيران تنتهك التزامات عدم الانتشار النووي على خلفية أوجه قصور أخرى واردة في التقرير.