الإخوان والحجاب والهجرة.. ملفات ساخنة في البرلمان الفرنسي
يستعد حزب الجمهوريين الفرنسيين، LR، لاستغلال يومهم البرلماني السنوي في 22 يناير 2026 لتقديم سلسلة من المقترحات التي ستضاف إلى جدول أعمال الجمعية الوطنية الفرنسية. ويأتي على رأس هذه المقترحات تصنيف جماعة الإخوان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.
ويرى الحزب أن هذا الاقتراح ضروري لمواجهة ما يعتبره تسللا فكريا ودينيا واجتماعيا للإخوان داخل فرنسا وأوروبا.
ويشير النواب إلى أن التنظيم يسعى لبناء مجتمع مواز قائم على التقسيم الطائفي، بما يتناقض مع مبادئ العلمانية والمساواة والتنوع التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية، وفقا لموقع
Entrevue الفرنسي.
ويضيف تقرير نشره موقع
لو فيغارو أن الهدف من الاقتراح هو مواجهة ما وصفه النواب بـ "الهدف المخفي بدقة" لتنظم الإخوان، والمتمثل في بناء مجتمع مواز على أساس العداء للمؤسسات والمبادئ الأساسية مثل التنوع والعلمانية والمساواة بين الجنسين. ومن المقرر أن يدافع النائب إريك بوغييه عن هذا الاقتراح أمام الجمعية الوطنية.
وفي سياق متصل، سلطت لجنة برلمانية للتحقيق الضوء على خطر التسلل المتطرف، مشيرة إلى أن هذا التسلل يمثل تهديدا للانتخابات البلدية المقبلة في 2026.
وأكدت اللجنة وجود صلات بين بعض ممثلي الحركات السياسية وأطراف ذات توجهات متشددة، ما يثير مخاوف حول التأثير المحتمل على المشهد السياسي المحلي، وفقا لقناة
BFMTV.
التهديدات والعمل السري.. قراءة بيرجو-بلاكلر للمشهد الفرنسي
في تصريحات لموقع بلينكس، قالت عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية فلورانس بيرجو-بلاكلر، الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي، CNRS، إن "كتلة حزب الجمهوريون تفكر فعلا في هذه المسألة، وقد قدم أعضاء مجلس الشيوخ من الكتلة تقريرا حديثا حول وضع الإسلام الراديكالي، ولا سيما التهديدات التي تطال التماسك الوطني، أنجز تحت إشراف السيناتورة جاكلين أوستاش-برينيو".
وأوضحت بيرجو-بلاكلر أن الحزب يضم تيارات وقيادات متعددة لا تتفق بالضرورة في ما بينها، ولا تتبنى جميعها الموقف نفسه، مشيرة إلى أن هذا النقاش يأتي في سياق دولي يتسم بتصاعد المواقف المناهضة لتنظيم الإخوان.

عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية فلورانس بيرجو-بلاكلر، الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي، CNRS (أ.ف.ب)
وأضافت: "نرى أن الولايات المتحدة، والرئيس ترامب، وولايتي فلوريدا وتكساس، يفكرون في هذا الاتجاه، وقد أقدمت هاتان الولايتان على حظر التنظيم. غير أن هذه المسألة لم تعالج بالطريقة نفسها في جميع الدول، حتى وإن كان الرئيس ترامب ميالا إلى هذا التوجه، ويمكن القول إنها فكرة متداولة في المناخ العام".
لكن بيرجو-بلاكلر حذرت من أن نشاط التنظيم في فرنسا "يتم في السر" وبالتالي قد لا يكون لأي حظر تأثير كبير على نشاطة في البلاد.
وفي ما يتعلق بعلاقة تنظيم الإخوان باليسار الفرنسي، قالت بيرجو-بلاكلر: "شرحت هذا الأمر منذ وقت طويل في أبحاثي وكتبي، حيث وصفت حزب فرنسا الأبية بحزب الوقواق. فالوقواق طائر يضع بيضه في عش طائر آخر ليتولى حضانته، وتنظيم الإخوان يتصرفون على هذا النحو؛ إذ لا ينشئون حزبا سياسيا خاصا بهم، بل يتسللون إلى أحزاب أخرى ويدفعونها إلى احتضان مشروعهم، وغالبا داخل اليسار الراديكالي".
وترى بيرجو-بلاكلر أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي تدريجيا إلى جعل حزب "فرنسا الأبية" أقرب إلى حزب إسلامي في طور التشكل، من دون إعلان ذلك صراحة، عبر تسهيل انتشار الإسلاموية داخل البلاد.
رزيقة عدناني: المشكل يكمن في عدم فصل الدين عن السياسة
من جانبها، رأت رزيقة عدناني، الفيلسوفة والباحثة في شؤون الإسلام السياسي والمحاضرة الفرنسية-الجزائرية، أن قرار بعض السياسيين في فرنسا مواجهة جماعة الإخوان المسلمين يندرج ضمن صراعهم ضد التطرف الإسلامي، في مقاربة يسعون من خلالها إلى الاقتداء ببعض الدول الإسلامية التي صنّفت الجماعة منظمة إرهابية، على حدّ تعبيرها.
وفي تصريحات لبلينكس، أوضحت عدناني أن "الإسلام الذي يُنظر إليه على أنه يشكّل تهديدًا للانتخابات البلدية المقبلة في فرنسا هو الإسلام الذي يرفض الفصل بين البعد الديني والبعد القانوني، أي السياسي. ففي أي بلد، لا يمكن أن يوجد نظامان قانونيان: نظام الشريعة الإسلامية ونظام الجمهورية".

رزيقة عدناني: الخطر في تسييس الدين لا في الدين نفسه (الموقع الرسمي للفيلسوفة رزيقة عدناني)
وأضافت أن "فرنسا دولة علمانية، وما يهددها هو السعي إلى إظهار الدين وفرضه في الأماكن التي يمنع فيها القانون ذلك"، مشيرة إلى أن "رفض احترام القانون الفرنسي هو ما يشكّل التهديد الحقيقي لفرنسا".
كما أكدت عدناني أن السياسيين في فرنسا لا يقدّمون "أي حلول ملموسة أو فعّالة لمواجهة تيارات الإسلام السياسي"، لافتة إلى أن هؤلاء السياسيين، "سواء كانوا من اليسار أو اليمين، يستخدمون الإسلام كأداة سياسية لمواجهة خصومهم"، بحسب تعبيرها.
حزب "فرنسا الأبية" تحت المجهر
أشار موقع
Europe1 إلى أن تقرير اللجنة أكد أن جميع الأحزاب عرضة للتسلل الإخواني، مع تركيز خاص على حزب فرنسا الأبية، La France Insoumise.
ووصفت اللجنة العلاقة بين الحزب والإسلام السياسي بأنها وثيقة، وربما تصل إلى درجة التواطؤ، إذ يستغل كلا الطرفين القضايا مثل مكافحة الإسلاموفوبيا والدفاع عن القضية الفلسطينية.
وأكد ماثيو بلوش، مقرر لجنة التحقيق، أن هناك استراتيجية لدى الإخوان للتأثيرات على الانتخابية المحلية قائلا: "تشير العديد من الشهادات إلى وجود استراتيجية للسيطرة الانتخابية، وهي استراتيجية تؤدي تلقائيا إلى التساهل مع الفاعلين الإسلاميين بمجرد ظهورهم كمؤثرين".
وأشار التقرير إلى أمثلة على ذلك، مثل توجيه حزب فرنسا الأبية دعوات لجمعيات مرتبطة بالإخوان للحضور إلى الجمعية الوطنية، ودعم المدارس المجتمعية في منطقة الرون، والدعوة من بعض الدعاة الإسلاميين المعروفين مثل هاني رمضان وفنسنت سليمان للتصويت للحزب.
وأضاف التقرير: "القضية ليست الدفاع عن المسلمين، ولا السعي لكسب أصواتهم. المسألة تتعلق بتقديم التسهيلات، أحيانا بشكل ساذج وأحيانا بشكل محسوب، لأيديولوجية معادية لقيمنا، والتي يجب تحديدها والتنديد بها". ويتضمن التقرير 32 توصية، من المتوقع أن تكون محور مشروع قانون قريبا.
وبالعودة إلى خطة الجمهوريين في 22 يناير، قال موقع
Entrevue أن الحزب يعتزم أيضا تقديم اقتراح بحظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للقاصرات، وهو المقترح الذي يدعمه رئيس الحزب لوران ووكويز. ويطرح القانون كإجراء لحماية الأطفال ورفض رمزية ما يعتبره الحزب الإسلام السياسي.
ورغم الانتقادات التي وجهها وزير الداخلية لوران نونيز واصفا المقترح بأنه "وصمة مبالغ فيها"، فإن الاستطلاعات تشير إلى أن 71% من الفرنسيين يؤيدون حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للفتيات دون سن 15 عاما، وفقا لاستطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام في 3 يونيو 2025.
وتشير التقارير إلى أن دولا أوروبية مثل النمسا قد تبنت بالفعل حظرا مماثلا للفتيات دون سن 14 عاما في المدارس، بحجة حماية الأطفال من الرمزية الدينية والسياسية المبكرة، ضمن تحركات أوروبية أوسع للحد من النفوذ السياسي والديني للإسلام المتشدد في الفضاءات العامة، وفقا لقناة
BFMTV.
كما يخطط النواب لتقديم اقتراح بحظر استمرار إيواء المهاجرين غير الشرعيين في مساكن الطوارئ.
ويدافع النائب فابيان دي فيليبو عن هذا الاقتراح قائلا: "في ظل ميزانية محدودة، من غير المقبول مطالبة الشعب الفرنسي بتمويل إقامة المهاجرين غير الشرعيين في الفنادق لسنوات، خصوصا أولئك الذين لا ينوون البقاء في فرنسا".
ويأتي هذا ضمن سلسلة مبادرات للحزب للسيطرة على تكاليف الهجرة وتعزيز سياسة الهجرة المنظمة، حسب صحيفة لو فيغارو.
بالإضافة إلى ذلك، سيطرح الحزب اقتراحات لتعليق إنشاء أي هيئات إدارية جديدة بهدف الحد من البيروقراطية وزيادة شفافية عمل الإدارة الفرنسية.
كما يخطط النواب لطرح مشروع قانون صادر عن مجلس الشيوخ للتوفيق بين استمرار خدمات النقل العام وحق العمال في الإضراب، بالإضافة إلى اقتراح للاعتراف بالافتراض القانوني للدفاع الشرعي لعناصر الأمن أثناء أداء واجباتهم.
ويؤكد الحزب أن الرقابة القضائية ستظل ممكنة إذا ثبت استخدام القوة بشكل غير مبرر، لضمان حماية عناصر الأمن دون تجاوز القانون.