"مئذنة قيد التحقيق".. لماذا أغلقت ألمانيا المسجد الأزرق؟

ألمانيا، التي تحاول دفن ماضيها المعادي لليهود، شهدت ارتفاعا في حوادث معادية للسامية بنسبة 80٪ عام 2023، وفقًا لتقرير سنوي صادر عن منظمة ريياس، التي تراقب الحوادث المعادية للسامية في ألمانيا منذ عام 2017.

وبارتفاع هذا النوع من الحوادث، تعالت دعوات الائتلاف الحكومي والمعارضة، علي حد سواء، لإغلاق مركز هامبورغ الإسلامي، لاسيما بعد المظاهرة التي نظمتها جماعة "مسلم إنتركتيف" الإسلامية في أبريل، والتي دعت إلى إقامة الخلافة.

وبظهور مؤشرات عن ضلوع المركز في أنشطة غير قانونية تهدد الأمن القومي الألماني، وضعته السلطات المركز تحت المراقبة لفترة طويلة انتهت بجمع أدلة تثبت نشر مبادئ "الثورة الإسلامية" و"الأفكار المناهضة للديمقراطية"، بحسب وزارة الداخلية الألمانية.

مباشرة بعد الإعلان عن حظر المركز، عبّر عمدة هامبورغ الأول بيتر تشينشر عن سعادته قائلا: "هذا اليوم جيد لمجتمع مدينة هامبورغ"، مشيرا إلى أن مدينة مثل هامبورغ ليست لـ"الإسلاميين المتطرفين والمعادين للسامية"، وفقا لصحيفة فرانكفورتر.

من جهته، قال عضو مجلس الشيوخ عن الداخلية في هامبورغ، أندي غروت، إن إغلاق "هذه البؤرة الاستيطانية للنظام الإيراني اللاإنساني" كان بمثابة "ضربة حقيقية ضد التطرف الإسلامي".

ووصف زعيم حزب الخضر أوميد نوريبور مركز هامبورغ الإسلامي بأنه "أهم وكر تجسس للنظام الإيراني في ألمانيا"، وألقى باللوم عليه في التجسس على أعضاء المعارضة الإيرانية في المنفى، وفقا لمجلة دير شبيغل.

في المقابل، ذكرت مجلة شتيرن الألمانية أنه ليس كل من يحضر حدثًا أو يصلي في المسجد الأزرق يمكن تصنيفه تلقائيًا كعضو في الجمعية أو النظام الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، يعارض العديد من الأشخاص ذوي الأصول الإيرانية الذين يعيشون في ألمانيا بشدة أفكار النظام الإيراني.

يشير بيان وزارة الداخلية إلى أن المركز الإسلامي بهامبورغ يعطي انطباعا للعالم الخارجي بأنه مؤسسة متسامحة ودينية بحتة بدون أي أجندة أو علاقة سياسية، بينما هو في الواقع ينفذ بشكل ثابت وقاطع التوجيه السياسي لتصدير الثورة الإيرانية.

ويضيف البيان أن مدير المركز تلقى تعليمات صريحة من قبل المرشد الإيراني، تشمل تحذيرات من أن حقوق الإنسان والديمقراطية ليست سوى ذريعة لقمع انتشار "الثورة".

ويضيف البيان أن أنشطة المركز الإسلامي هامبورغ تظهر دعما وتعزيزا للبعد العسكري السياسي لما يسمى بـ"محور المقاومة"، ولا سيما التحالف مع حزب الله". وعلى الرغم من تصنيف "حزب الله" كمنظمة إرهابية في عام 2020، إلا أن المركز يواصل دعمه.

أهم ممثل لمركز هامبورغ الإسلامي هو رئيسه، محمد هادي مفتح، الذي يتولى المنصب منذ أغسطس 2018.

وتقول وزارة الداخلية الألمانية إنه يقدم تقارير للمرشد الإيراني خامنئي، وهو خاضع لتعليماته. يفيد موقع مجلة شتيرن أن مفتح يعتبر ممثل المرشد في أوروبا، نقلا عن مكتب حماية الدستور في هامبورغ.

قبل بضعة أيام من مداهمة المسجد، صرح مفتح لصحيفة هامبرغر مورجن بوست أن المؤسسة دينية بحتة تسعى للسلام والتعايش السلمي بين الشعوب.

بناءً على أوامر المحكمة، جرت عمليات تفتيش منذ الساعات الأولى من صباح الأربعاء 24 يوليو في 53 عقارًا تنتشر في 7 ولايات إتحادية منها هامبورغ وبريمن وبرلين وساكسونيا السفلى ومكلنبورغ-بوميرانيا الغربية وهيسن وشمال الراين وستفاليا وبافاريا.

وبحسب وزارة الداخلية، تم إغلاق مركز هامبورغ الإسلامي ومنظماته الفرعية، مثل الأكاديمية الإسلامية في ألمانيا، ورابطة أنصار مسجد إيراني إسلامي في هامبورغ، ومركز الثقافة الإسلامية في فرانكفورت، والجمعية الإسلامية في بافاريا، والمركز الإسلامي في برلين.

ويفيد موقع دير شبيغل أنه بمجرد أن يصبح الحظر نهائيا، ستصبح المباني المدرجة ملكية فيدرالية ستنظر الحكومة الفيدرالية مع مجلس شيوخ هامبورغ في ما يجب أن يحدث لها، متعهدة بحماية المسجد الأزرق من التخريب.

قالت وزيرة الخارجية في بيانها إنه "من المهم بالنسبة لي أن أقوم بتمييز واضح: "نحن لا نتصرف ضد الدين".

موضحة أن بلادها تفرق بوضوح بين الإسلاميين، الذين نتخذ ضدهم إجراءات صارمة، وبين الكثير من المسلمين الذين ينتمون إلى بلدها، وأن الممارسة السلمية للعقيدة والدين الشيعي لا تتأثر صراحة بالحظر الذي فرضناه.

وأوضحت أن العقيدة الشيعية والممارسة الدينية نفسها لا تتأثر صراحةً بهذا الحظر.