بدأت بغزة وانتهت بـ7 جبهات.. حرب لا تعرف إسرائيل كيف تنهيها

اندلعت الحرب على غزة بعد هجوم الفصائل الفلسطينية المسلحة على مستوطنات غلاف القطاع لتأسر نحو ٢٤٠ شخصا، وتبدأ إسرائيل حربا هدفها المعلن استعادتهم والقضاء على حركة حماس وعدم تكرار ما حدث.

الحرب التي أعلنها نتنياهو قتلت وجرحت زهاء ١٤٠ ألف شخص، ودمرت 66% من مباني القطاع بحسب وزارة الصحة في غزة والأمم المتحدة، لتظهر دعوات عالمية باتهام إسرائيل بـ"الإبادة الجماعية" أمام محكمة العدل الدولية.

وفي خطابه أمام الأمم المتحدة، في ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤، حدد نتنياهو ٣ شروط لإنهاء الحرب هي:

1. استسلام حماس.

2. مغادرة عناصر الحركة لغزة، وإلقاء السلاح.

3. إطلاق سراح الأسرى.

لكن في الثالث من أكتوبر ٢٠٢٤، أعلن الجناح المسلح لحركة حماس عن استهداف ١٠ آليات للجيش الإسرائيلي داخل القطاع، بحسب بيان لكتائب القسام.

لم تستطع إسرائيل استعادة كل الأسرى الموجودين في القطاع، أي تحقيق أول أهداف الحرب، فلا يزال 97 أسيرا في غزة، فضلا عن 34 جثة بحسب وول ستريت جورنال.

أما هدف القضاء على حماس، فلا يزال زعيمها الجديد، بعد اغتيال إسماعيل هنية، يحيى السنوار موجودا ولا تزال المواجهات قائمة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي في القطاع.

في اليوم التالي لبدء الحرب في غزة، بدأ حزب الله ضربات متبادلة مع إسرائيل لتجبر سكان الشمال على الخروج، وتضم إسرائيل هدفا معلنا آخر هو إعادة السكان إلى بيوتهم، وانسحاب عناصر الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني.

وكان سبتمبر ٢٠٢٤ ذروة المواجهة بأحداث متلاحقة من تفجير أجهزة اتصالات الحزب، وحتى اغتيال قيادات الصف الأول، حتى قتل أمينه العام حسن نصر الله ثم محاولة التوغل البري لتتوسع الحرب على جبهة جديدة.

الحرب قتلت وأصابت آلاف اللبنانيين وأجبرت مئات الآلاف على النزوح لكن هدف عودة سكان شمال إسرائيل لم يتحقق، حتى الحليفة واشنطن حذرت على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، من أن الحرب الشاملة مع الحزب لن تحقق الهدف بحسب رويترز.

على جانب آخر، انتهت المواجهة غير المباشرة بين وكلاء إيران وإسرائيل لتتحول للهجوم من أراضيها لتبدأ مرحلة غير مسبوقة، فعقب الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل القيادي في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي اشتعل الصراع.

يوضح ديفيد خالفا أحد مدراء مرصد شمال أفريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة جان جوريس، لفرانس برس، أن إيران وإسرائيل، وبعد توتر متواصل منذ عقود، "لم تعودا في مواجهة كامنة بل أصبحتا في حرب مفتوحة" قد تتحول إلى "حرب استنزاف إقليمية".

ففي أبريل ٢٠٢٤، شنت إيران هجومها الأول وغير المسبوق على إسرائيل بأكثر من ٣٠٠ صاروخ ومسيرة أسقط معظمها، لترد إسرائيل بضرب بطارية لمنظومة S-300 للدفاع الجوي في أصفهان، لتكون أول مواجهة مباشرة بينهما.

لكن الأمر لم ينته، فردّت إيران بإطلاق ١٨٠ صاروخا فرط صوتي تجاه إسرائيل في الأول من أكتوبر، لتقول إنه يأتي ردا على مقتل كل من حسن نصر الله وإسماعيل هنية والقيادي في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان.

الآن، تتوعد إسرائيل بالرد على إيران، وسط سيناريوهات متعددة لشكل هذه الضربة بين منشآت طهران النفطية أو برنامجها النووي وسط تحذيرات من حرب شاملة.

ويؤكد نتنياهو أن إيران تسعى جاهدة إلى حيازة السلاح النووي، مشددا على أنها ستشكل في هذه الحالة تهديدا وجوديا لإسرائيل المنخرطة في "حرب بقاء"، بحسب فرانس برس.

بعد عام من الحرب، يرى العميد الإسرائيلي المتقاعد، آساف أوريون، الذي يشغل الآن منصب زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن "إسرائيل عادت لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، لكن العمليات العسكرية كانت "لعبة طويلة" بلا نتيجة واضحة.

يشير أوريون، في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن الحيلة "تكمن في إيجاد مخرج قبل نقطة التحول التي قد تبدأ فيها الأمور في التدهور"، لكن "لازلنا حاليا في منتصف الفيلم" بحسبه.

ورغم نجاح نتنياهو في تحقيق إنجازات تكتيكية فإن هدفه المتمثل في تغيير المنطقة بصورة دائمة قد لا يتحقق، وفقا لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد ستيفين والت على فورين بوليسي للأسباب الآتية:

1. الأضرار التي لحقت بما يعرف بـ"محور المقاومة" لن تنهيه، وسوف تزداد رغبتهم في الانتقام في أعقاب أحداث العام الماضي.
2. الفلسطينيون ليس لديهم خيارات كثيرة سوى الاستمرار في محاولة مقاومة ما تفعله إسرائيل بهم، خاصة مع إغلاق نتنياهو احتمالات تقديم بدائل جذابة.
3. الأحداث الأخيرة تزيد من احتمالات أن تقرر طهران تجاوز كونها دولة نووية كامنة وبناء ترسانة نووية إيرانية، ما يزيد احتمالات اندلاع حرب إقليمية.
4. زيادة عزلة إسرائيل الجيوسياسية وقد تتعرض علاقتها الخاصة مع الولايات المتحدة للخطر.
5. داخل إسرائيل، مع صعود اليمين المتطرف حلفاء نتنياهو أصحاب رؤية مستقبلية متشددة لإسرائيل، قد يرغب المعتدلون والعلمانيون، أساس القطاعات التكنولوجية العالية، في الرحيل.