"عبير البرقوني".. مصرية على طريق شمال غزة تبحث عن "الجائزة"
وسط الحشود المتدافعة على طريق العودة من جنوب قطاع غزة إلى شماله، تمشي سيدة مصرية بين النازحين، بهمة ونشاط رغم مرضها، مبتهجة بوقف إطلاق النار وعودتها إلى ابنها وحفيدها في الشمال.
السيدة عبير عبد القادر البرقوني تقول في حديث مع بلينكس إن هذا اللقاء المنتظر هو الجائزة التي تبحث عنها، بجانب المشاركة في إعادة بناء القطاع الذي دمرته الحرب.
بلهجة فلسطينية ممزوجة ببعض العبارات المصرية، تتحدث البرقوني عن عشقها للقطاع، ورفضها الاستجابة لطلبات ابنها الثاني الذي يعيش في مصر بالعودة إلى بلدها.
وتروي عبير البالغة ٦١ عاما، قصتها: "أنا مصرية، جئت إلى غزة منذ ٤٥ سنة قبل الزواج، كان عمري وقتها ١٦ عاما، لكنني أعود إلى مصر في زيارات من أجل رؤية ابني هناك".
وتضيف: "يطالبني ابني في كل زيارة بالبقاء معه وعدم العودة إلى غزة، يقول لي أن ليس لي أحدا هنا، لكن هنا أهلي وأرضي وروحي وحياتي كلها".
تتعلق البرقوني بالقطاع كأنها واحدة من أبنائه تماما، وتقول عنه: "رأيت الخير كله في غزة، عشت السعادة والهنا، لكن ليس لي أحد؟ لا، لي غزة".
يملأ الحماس البرقوني عندما تجيب عن شعورها الآن، بينما تعود إلى الشمال حيث عاشت أغلب سنوات عمرها، وتردّ: "شعوري لا يوصف، سعيدة جدا بالعودة، أخيرا سأرى حفيدي وابني بعد ١٥ شهرا من الفراق".
وتعزي عبير نفسها متجاوزة أشهر الفراق، قائلة: "لقد سمعت عن ابني وحفيدي كل خير".
تقول المرأة الستينية إن طبيعة سنها والأمراض التي تعاني منها تمنعها من خوض رحلة شاقة سيرا على الأقدام من جنوب القطاع إلى شماله، لكنها تصر على الاستمرار.
وفي تحد وإصرار، تعلق البرقوني: "همشي"، وتتابع: "صحيح أنني مريضة ولا أقدر على السير، لكنني سأواصل الرحلة".
وتحدثت البرقوني عن عودة قطاع غزة إلى سابق عهده بالبناء وإعادة الإعمار، ورفض التخلي عنه من أهله، وقالت: "غزة ستعود".
قسوة الرحلة التي تخوضها البرقوني سيرا على الأقدام، لها محفزات كثيرة، أبرزها لقاء الأحبة في الشمال، وحضن حفيدها الذي حلمت به كثيرا طوال فترة الحرب والنزوح.
تشرح: "أول شيء سأفعله عندما أصل، هو ضم حفيدي إلى حضني"، كما أكدت السيدة التي تنسى آلامها الجسدية والنفسية بالجائزة التي تنتظرها بالشمال أن رؤية "الأحباب" هناك ضمن أول ما ستفعله.
كانت رحلة السيدة الستينية مع النزوح قاسية للغاية، وبها الكثير من التنقلات من بلدة إلى أخرى، تشرح السيدة: "نزوحي كان طويلا ومستمرا، في البداية نزحت من الشمال إلى القرارة ثم إلى خان يونس، ثم إلى الخلاء، قبل الانتقال أخيرا إلى رفح".
وتسترسل البرقوني: "كل مرحلة في النزوح شهدت مأساة بطريقة غير معقولة، كان اليوم الذي نرحل فيه دائما هو نفسه الذي يقع فيه القصف".
وتتمنى الجدة التي تنتظر رؤية ابنها وحفيدها بأن يستمر وقف إطلاق النار وتفتح المعابر حتى يتمكن "الأحباب بالخارج" من العودة، ويُسمح لمن يريد المغادرة بالرحيل، لكنها لا تعرف ماذا ينتظرها في الشمال.
وتنهي حديثها بالمجهول الذي تذهب إليه في الشمال، قائلة: "سنتعرض لحرب نفسية، نعرف ذلك، لكن هذا أفضل من الشتات الذي كنا فيه".