الدفع في الشتاء.. "كمال" المصري يلجأ لـ"تقسيط المصيف"

يتراوح متوسط تكلفة قضاء عطلة صيفية في أحد شواطئ شمال مصر لمدة أسبوع، نحو 40 ألف جنيه (850 دولارا) لأسرة يتراوح عددها من 4 إلى 5 أفراد، بحسب أمنية أشرف، مديرة إحدى شركات السياحة الداخلية.

تقول أشرف إن متوسط سعر الليلة في الوحدات المصيفية غير الفندقية (شقة أو شاليه) يبلغ 5 آلاف جنيه شاملة الانتقالات والوجبات، مؤكدة أن أغلب الحاجزين لا تقل إقامتهم عن أسبوع.

متوسط تكلفة قضاء عطلة صيفية أمام أحد الشواطئ في مصر يعادل ما يقرب من 7 أمثال الحد الأدنى للأجور في مصر، والذي حدته الحكومة مؤخراً بـ 6 آلاف جنيه شهرياً (126 دولارا)، وهو ما كان دافعاً نحو اللجوء لنظام التقسيط، والتمكن من زيارة الشاطئ في العطلة.

"الحاجة أم الاختراع، وتقسيط المصايف اختراع مصري قديم-جديد للتغلب على ارتفاع الأسعار"، حسب ما يقول سامح سعد، الخبير في قطاع السياحة لبلينكس.

يشرح سعد أن أسعار خدمات السياحة الشاطئية شهدت زيادات متتالية وصلت 100% خلال العامين السابقين، متوقعاً استمرار أسعار خدمات السياحة الشاطئية عند مستوياتها المرتفعة، لهذا العام.

وهو ما أدى، بحسب الخبير في قطاع السياحة، إلى الإقبال على نظام تقسيط الوحدات المصيفية وخاصة من قبل أُسر الطبقة المتوسطة التي اعتادت قضاء جزء من عطلة الصيف على الشواطئ، كما حال كمال.

"من نوفمبر أول قسط، وآخر قسط مع حلول ميعاد الرحلة"، يشرح كمال نظام حجز وحدته المصيفية في مرسى مطروح على البحر المتوسط.

يوضح سامح سعد أن وحدات شواطئ البحر المتوسط شمالي مصر، أكثر قابلية ومرونة لنظام التقسيط من شواطئ البحر الأحمر، شرقي البلاد، حيث تنتشر في الشمال الوحدات المصيفية غير الفندقية (شاليهات، وفيلات، وشقق)، بينما يغلب على شواطئ البحر الأحمر الطابع الفندقي.

عن نظام الأقساط، تقول أمينة أشرف إن عدد الأقساط يحدده العميل حسب إمكانياته المادية، وموعد إجازته الصيفية، موضحة أن شركتها والشركات المماثلة التي تعتمد نظام التقسيط في تعاملاتها، تبدأ الحجوزات في الشتاء وتستمر حتى نهاية الصيف.

"بعض العملاء يبدأ الحجز والتقسيط من نوفمبر، وبعضهم يبدأ من ديسمبر أو يناير، فيما يفضّل آخرون الحجز في مايو لعطلات نهاية أغسطس وحتى سبتمبر.. كل واحد حسب ظروفه" وفق كلام أشرف.

بالرغم من أن تقسيط الوحدات المصيفية يتم بين العميل وشركة السياحة، أو مكاتب العقارات دون فوائد أو مصاريف إدارية، إلا أن المصلحة متبادلة للطرفين، حيث تحصل الشركة أو المكتب على سيولة نقدية مُبكّرة قبل بداية موسم العطلات، كما يضمن المُصيّف حجز وحدته قبل زحام الإجازات وبأسعار أقل من أسعار الذروة.

"اعتبرت نفسي بحوش مع الشركة، وبدل ما أدخل جمعية قررت أحجز مع الشركة قبل الصيف بـ6 شهور، وكل شهر أدفع مبلغ حتى ميعاد رحلتنا. البديل كان الحصول على قرض شخصي من البنك وده ليه فوائد ومصاريف إدارية، يعني تكلفة إضافية" يقول كمال مبرراً قراره باللجوء إلى تقسيط رحلته الصيفية مقدما.

أما عن العوائد التي تجنيها شركات السياحة الداخلية من نظام التقسيط بالرغم من عدم وجود فائدة أو عمولات، يشرحها لبلينكس محمود عوض، مدير أحد مكاتب العقارات في مرسى مطروح: "التقسيط يعني عميل مضمون لأنه دافع مقدّم، يعني سيولة نقدية مبكرة قبل الموسم، وهذا يسمح بعمل صيانة الوحدات وتنفيذ حملات الدعاية مبكرا قبل الموسم الجديد".

"زبون الفندق يختلف عن زبون الوحدات المصيفية، الفنادق تميل أكثر للسياحة الوافدة من الخارج سواء العرب أو الأجانب، أما الوحدات المصيفية فالإقبال عليها يكون مخصصا في معظمه للسياحة الداخلية، ولذا فالفنادق خارج معادلة التقسيط للمصريين"، بحسب خبير السياحة سامح سعد.

يؤكد سعد في حديثه لبلينكس أن نسبة الاشغالات الفندقية لموسم الصيف تتجاوز 80% حتى الآن، موضحاً أن السياحة الخارجية بدأت تتعافى من الأحداث الجيوسياسية التي تدور في المنطقة، وهو ما يصب في صالح الاقتصاد المصري.

ووصل إجمالي دخل مصر من قطاع السياحة بالعملة الأجنبية إلى 13.6 مليار دولار، بحسب آخر إحصاء رسمي منشور في العام 2023.

ولفت الخبير السياحي إلى أن الإقبال على التقسيط في السياحة الداخلية يُنعش الأنشطة الاقتصادية المختلفة المحيطة بالشواطئ، وهو ما يمثّل عوائد متميزة للاقتصاد من جانب، ولأصحاب الأنشطة من جانب آخر.