ديربورن.. مدينة عربية تحدد رئيس أميركا القادم

تدين ديربورن بالكثير من نموها إلى رائد صناعة السيارات، هنري فورد، الذي بدأ بناء مجمع ريفر روج في عام 1917، الأمر الذي جذب العديد من سكان الجنوب الأميركي، إلى جانب المهاجرين من الدول الأوروبية والعربية، للاستقرار في حي ساوث إند في ديربورن للعمل في مصنعها الرائد.

ورغم أن معظم المهاجرين العرب في أوائل القرن العشرين إلى الولايات المتحدة كانوا مسيحيين، فإن أولئك الذين انتقلوا إلى ديربورن في العشرينيات من القرن الماضي كانوا في الغالب مسلمين، معظمهم من جنوب لبنان.

أخذ العدد في الازدياد إلى أن أصبح ما يقرب من ٥٥% من سكان المدينة من أصول عربية، بحسب موقع ذا كونفرسيشن الأسترالي.

لكن الأميركيين العرب واجهوا في كثير من الأحيان التمييز في سوق الإسكان وفي المدارس العامة، التي كافحت لتلبية احتياجات مجموعة كبيرة من متعلمي اللغة الإنكليزية.

يبدو أن الأغلبية العربية والإسلامية في المدينة أثارت غضب البعض، إذ نشرت "وول ستريت جورنال" مقال رأي بعنوان "مرحبا بكم في ديربورن.. عاصمة الجهاد الأميركية".

يزعم هذا المقال الغاضب من المهاجرين ذوي الأصول العربية، أن المدينة تحتفي بالحروب ضد إسرائيل، وحركة حماس، وأن المركز الإسلامي الأميركي، أحد مساجد ديربورن الرائدة، أقام حفل تأبين في 30 ديسمبر لأحد عناصر حزب الله، كان قد قُتل في غارة جوية إسرائيلية.

وحسب المقال فإن معهد هادي، الذي يدير مدرسة مونتيسوري الإسلامية ويصف نفسه بمركز مجتمعي للشباب، أحيا ما أسماه بـ"ذكرى الشهداء"، في 5 يناير، لتأبين قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، والقيادي في ميليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

وكان الرجلان مدرجين على القائمة الأميركية للإرهابيين، عندما قُتلا في غارة جوية أميركية في 3 يناير 2020.

وشهدت شوارع المدينة حالة من الغليان بعد نشر المقال، ما دفع جهاز الأمن في المدينة إلى عمل تعزيزات إضافية، في محاولة للسيطرة على غضب الشارع، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات، خرج الرئيس الأميركي، جو بايدن برسالة تهدئة لسكان المدينة عبر منصة "إكس".

قال الرئيس الأميركي في رسالته لسكان المدينة: "يعلم الأميركيون أن إلقاء اللوم على مجموعة من الناس استناداً إلى كلام قلة قليلة أمر خاطئ، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى كراهية الإسلام والكراهية ضد العرب، ولا ينبغي أن يحدث ذلك لسكان ديربورن، أو أية مدينة أمريكية. علينا الاستمرار في إدانة الكراهية بجميع أشكالها".

تنقسم الولايات بصورة واضحة بين ديمقراطية وجمهورية، بحسب السوابق التاريخية وتأثير الحزبيْن على مدار العقود الماضية، لكن ميشيغان تظل واحدة من أبرز الولايات المتأرجحة، مثل أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وفرجينيا.

وكل تلك الولايات تضم نسبا كبيرة من المسلمين والعرب الأميركيين، كان يُنظر إليهم تقليديا على أنهم ينتخبون الجمهوريين، غير أن ولاءاتهم تغيّرت بعد هجمات 11 سبتمبر، نتيجة لسياسات المراقبة والخوف من الإسلام التي اتبعتها إدارة جورج بوش الابن آنذاك.

صوّت العرب والمسلمون في ميشيغان لبايدن في انتخابات عام 2020.

لكن الأمر يبدو مختلفا هذه المرة، إذ قبل نحو أسبوعين زارت مديرة الحملة الانتخابية لبايدن جولي تشافيز رودريغيز، مدينة ديربورن، لكن أكثر من 10 مسؤولين محليين تجاهلوا زيارتها بمن فيهم رئيس البلدية.

وكتب رئيس بلدية ديربورن، عبد الله حمّود، على منصة إكس، بشأن عدم لقائه مديرة حملة بايدن "حين ينظر المسؤولون المنتخبون إلى الفظائع في غزّة على أنها مشكلة انتخابية فقط، فإنهم يحوّلون آلامنا التي لا تُوصف إلى حسابات سياسية".

يقول الأستاذ في القانون والممثل الكوميدي عامر زهر، 46 عاما، لوكالة فرانس برس: "هناك إبادة بحق عائلاتنا وشعبنا، وشعبنا يردّ بقوة".

يضيف: "لن ندعم بايدن تحت أي ظرف، أو أي سياسي آخر لن يكون مستعدا للدعوة ببساطة إلى وقف لإطلاق النار".

وكتب عالم الاجتماع في جامعة كريستوفر نيوبورت، يوسف شهود، على موقع ذا كونفرسيشن، الذي ينشر مقالات أكاديمية وأخبارا: "في ميشيغان على سبيل المثال، قد يُترجم ذلك في أن يخسر بايدن نحو 55 ألف صوت، أي نحو ثلث الهامش، الذي بلغ 154 ألف صوت، والذي سمح له بالفوز على ترمب خلال العام 2020".