انسحاب وسط زوبعة.. لماذا تترك إسرائيل جنوب غزة؟

ما حدث هو أن الفرقة الإسرائيلية 98 بألويتها الثلاث، انسحبت مساء السبت من منطقة خان يونس، بعد قتال هناك دام مدة 4 أشهر.

وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن "العملية انتهت هناك".

عمليا، لم يتبق في غزة سوى لواء واحد فقط، يُعرف باسم لواء "ناحال"، ويتولى الآن مهمة تأمين ممر دشنته القوات الإسرائيلية لفصل شمال القطاع عن جنوبه، ومن المفترض أن من بين مهام هذا اللواء الآن منع سكان غزة من العودة إلى شمال القطاع.

الآن يقول الجيش الإسرائيلي إن هذا الانسحاب جاء بعد انتهاء جميع العمليات الاستخباراتية والقتالية في المنطقة، ونفى بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن يكون نتيجة لطلب أميركي من حكومة نتنياهو.

وقال مسؤول عسكري للصحيفة: "المنطق الذي يقودنا خاطئ.. لكن ليست هناك حاجة لنا للبقاء في القطاع دون حاجة عملياتية.. الفرقة 98 فككت حماس.. وقتلنا الآلاف من أعضائها. لقد فعلنا كل ما في وسعنا هناك".

وأضاف المسؤول العسكري أن هذا الانسحاب من خان يونس سيسمح للنازحين بالعودة إلى منازلهم، لكنه أوضح أن الجيش سيواصل العمل هناك وفقا للاحتياجات العملياتية.

لا يعني ذلك أن قرار الانسحاب من جنوب غزة جاء في أجواء مثالية، بل على العكس فعلى مدار الأسبوع الماضي واجهت إسرائيل موجات غضب عالمية، بعد مقتل 7 عمال إغاثة في غارة إسرائيلية بوسط غزة.

هناك أيضا غضب يتأجج في الداخل، فبحسب تقرير أعدته شبكة بلومبيرغ بات الكثير من الإسرائيليين أنفسهم يحاولون دفع حكومتهم في سبيل التخلي عن خطة اجتياح رفح، مع تغيير في قائمة الأولويات، ليُصبح وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في قمة أولويات الحكومة.

تتجلى تلك الرغبة في المظاهرات التي باتت تشعل الشوارع الإسرائيلية، وتضم أهالي الأسرى الذين يريدون عقد اتفاق بتحرير ذويهم.

يوم الثلاثاء الماضي، امتدت المظاهرات لتصل إلى عتبات منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، إذ حاول المتظاهرون تخطي الحواجز الأمنية واقتحامها، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

يعتقد أيضا أن شخصيات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي لم تعد تضع اجتياح رفح في قمة أولوياتها، بين هؤلاء بيني غانتس، المعارض ووزير الدفاع السابق الذي دعا الأسبوع الماضي في خضم الأزمة إلى إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر.

وفي أثناء حديثه لم يتطرق غانتس إلى مسألة اجتياح رفح، لكنه تحدث حينها عن أهمية التحالفات الإقليمية.

واشنطن عبرت بعدة طرق عن توجسها من العملية العسكرية على رفح، لكن على مدار الأسبوع الماضي، بدا وكأنها تحرز تقدما في النقاش مع إسرائيل.

فبعد اجتماع رفيع المستوى عبر الفيديو، بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، قال البيت الأبيض، إن إسرائيل وافقت على "أن تأخد مخاوف الولايات المتحدة في الاعتبار".

وبحسب البيان فإن الجانبين أجريا "نقاشا بنّاء بشأن رفح".

ولكن بعد مقتل 7 من عمال الإغاثة في غزة، بدا وكأن صبر الولايات المتحدة تناقص بصورة ملحوظة.

فخلال يوم الخميس الماضي أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووُصفت محادثة الثنائي في صحف إسرائيلية "بالصعبة".

وخلال المحادثة لوّح بايدن ببطاقة السياسات الأميركية فيما يتعلق بغزة، إذ طالب نتنياهو بإعلان وتنفيذ خطوات محددة وملموسة وقابلة للقياس في التعامل مع المعاناة الإنسانية والضرر الذي يلحق بالمدنيين وكذلك سلامة موظفي الإغاثة.

وقال الرئيس الأميركي، إن سياسة بلاده فيما يتعلق بغزة ستتحدد في ضوء تقييم تلك الإجراءات التي يتعين على إسرائيل القيام بها.

كما طالب الرئيس الأميركي بسعي نتنياهو إلى وقف فوري لإطلاق النار.