المافيا التركية.. لماذا انتفضت المعارضة بعد هروب "M7"؟

لفهم ما جرى في أنقرة يجب العودة إلى سبتمبر 2023.

في ذلك الوقت:

• اعتقلت شرطة أنقرة أيهان كابلان بتهمة قيادة منظمة إجرامية. وجاء ذلك كجزء من حملة أوسع أمر بها وزير الداخلية، علي يرلي كايا، بعد تعيينه خلفاً لسليمان صويلو.

• بعد ذلك تعاون سيرتشيليك المتهم بأنه مساعد كابلان مع الشرطة وأصبح شاهداً سرياً ضده وحمل رمز "m7".
• رغم وضع أصفاد إلكترونية على ساقه عبارة عن جهاز تتبع، فرّ لاحقا من تركيا، بعد أن نجا من هجوم مسلح في نوفمبر 2023، وهنا بدأت القصة.

ادعى سيرتشيليك من الخارج، وعبر حديث له مع الصحافي إرك أكارير بداية شهر مايو 2024، أنه أصبح "شاهدا سريا" تحت ضغط من شرطة أنقرة.

وقال إن ضباط من الشرطة أجبروه على الإدلاء بشهادة يجرّم فيها وزراء العدل السابقين بكر بوزداغ وعبد الحميد غول، ووزير الصحة فخر الدين قوجه، وسليمان صويلو، إضافة إلى شخصيات مقربة من إردوغان، بينها سكرتيره الخاص حسن دوغان.

ونشر "الشاهد السري" تسجيلات لمحادثاته مع أحد الضباط، وحثّه فيها الأخير على العودة لذكر أسماء أخرى، على إثر ذلك شنت السلطات بأمر من علي يرلي كايا حملة في شرطة أنقرة، بـ 14 مايو الجاري.

واعتقلت شوكت دميرجان، نائب مدير فرع الجريمة المنظمة في قسم الشرطة، ومسؤولين اثنين آخرين. ووسعتها خلال الأيام الماضية لتشمل 5 أسماء أخرى.

حتى الآن لم تفك التحقيقات التي بدأها القضاء لغز هروب سيرتشيليك، ومع ذلك ما تزال مستمرة.

ومن بين أسئلة المعارضة التركية الموجهة لعلي يرلي كايا:

• كيف هرب سيرتشيليك رغم الأصفاد الإلكترونية؟ وبدعم من؟
• ما الذي تم فعله بعد أن تبين أن سيرتشيليك ترك عنوان الإقامة الجبرية؟
• هل تم التحقيق مع من اتصل سيرتشيليك هاتفيا قبل هروبه؟
• هل تم التعرف على أي أشخاص رسميين أو مدنيين ساعدوه على الهروب؟

ورد الأسبوع الماضي أن أردوغان سمح للمخابرات بمتابعة تحقيقات كابلان. كما أصدر في وقت سابق يرلي كايا بياناً أدان فيه أولئك الذين يحاولون خداع إردوغان والحكومة.

وقال إن كبار مفتشي الدولة يقومون بفحص القضية، وأثار الوضع أيضاً قلق زعيم حزب "الحركة القومية" دولت باهشتلي. ورأى حليف إردوغان في الأمر محاولة لربط حزبه بـ"العالم السفلي الإجرامي".

يرى مراقبون أن ما حصل لا يمكن فصله عن تداعيات الصراع غير المعلن بين علي يرلي كايا، ووزير الداخلية السابق، سليمان صويلو، وما بدأه الأول ضد زعماء المافيا في البلاد.

ويعتبر آخرون في المقابل أن ما حصل في شرطة أنقرة "محاولة انقلاب وكمين سياسي".

الصحافي التركي، راغب صويلو يقول إن قضية كابلان وادعاءات "الشاهد السري" أحدثت توتراً داخل التحالف بين حزب إردوغان وحليفه القومي، وعرّضت أيضاً موقف الوزير يرلي كايا للخطر.

وأشار الخبير في الشأن التركي إلى الصراع الأخير غير المعلن بين يرلي كايا وسليمان صويلو، مضيفا أن قادة الشرطة الرئيسيين الذين استبدلهم حال تسلمه المنصب سابقاً كانوا عادة من صقور الأمن المرتبطين بـ"الحركة القومية".

راغب صويلو تابع أن يرلي كايا و"بينما أشاد به كثيرون وبجهوده لمكافحة الجريمة، انتقد آخرون عدم قدرته على إدارة مرؤوسيه"، كما انتقدوه أيضا بشأن "عدم قدرته على التعامل مع ديناميكيات السلطة المعقدة داخل ائتلاف العدالة والتنمية والحركة القومية".

يعتقد الباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو أن ما حصل في أنقرة يرتبط بحالة "مزج" و"أذرع تتعاون مع أذرع أخرى".

وبعدما فشلت منظمة "غولن" في السابق أرادت التحرك مجدداً من خلال "بعض أجنحة المافيات"، وفق حديث حافظ أوغلو لبلينكس.

ويضيف أن الهدف هو أن "لا تنتج تركيا دستورا جديدا"، وأن "تبقى ملتهية بمشكلاتها الداخلية والخارجية والاقتصادية بشكل مباشر".

ويذهب الهدف أيضاً باتجاه "الاصطياد في الماء العكر"، حسب الباحث. كما يتابع أن "المرحلة هي الأخطر التي تمر بها الجمهورية التركية".