سياسة
مع اقتراب سنة على بدء الحرب في غزة، ازدادت حدة الانقسامات داخل إسرائيل حول سياسات الحرب، وتقول وكالة فرانس برس إن هذا الانقسام بدأ بالظهور بعد هدنة نوفمبر 2023.
ارتفعت حدة التوترات في المجتمع الإسرائيلي بعد هذه الهدنة لأن الإسرائيليين بدأوا يطرحون الأسئلة حول الطريقة المثلى لإعادة بقية الرهائن.
في 24 نوفمبر 2023، أبرمت حماس وإسرائيل اتفاق هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام، تضمّن إطلاق سراح 50 محتجزا في غزة مقابل 150 أسيرا فلسطينيا كما نص على إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
تم تمديد الهدنة لتصبح أسبوعا، ومن نهاية اليوم السابع عاد الجيش الإسرائيلي يقصف القطاع ويتوغل فيه مناطقه.
مع انتهاء الهدنة بدأت تتضح ملامح غضب الشارع الإسرائيلي الذي خرج في مظاهرات تطالب بإطلاق سراح المحتجزين، وتفاقمت الأمة مع عدم تجنيد الحريديم لتصبح أزمة بين اليمين واليسار.
غرقت إسرائيل بعدها في أزمة النازحين من مدن ومستوطنات الشمال، الذين أنهكوها على الصعيد السياسي والاقتصادي حيث تعيلهم الحكومة بفنادق في وسط إسرائيل. فما هي مظاهر الأزمات التي تقسم الإسرائيليين؟
كل ليلة سبت في تل أبيب، تخرج مظاهرات من آلاف الإسرائيليين يطالبون السلطات بالإسراع في إبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن. المتظاهرون يرفعون شعار "أعيدوهم الآن".
لكن هذا المطلب يثير جدلا كبيرا في المؤسسة السياسية، التي تواجه اعتراضات كبيرة على طريقة إدارتها لموضوع الرهائن، غير أن الجيش الإسرائيلي قتل بعض الرهائن برصاصه.
في المجتمع الإسرائيلي، هناك انقسام بين من يرون ضرورة عقد اتفاق مع حماس بأي ثمن لإطلاق سراح الرهائن، وبين من يخشون أن يؤدي ذلك إلى إضعاف موقف الحكومة وتعزيز قوة حماس.
الباحثة تامار هيرمان من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية تقول لفرانس برس إن هذا الانقسام يعكس الفجوة السياسية المتزايدة بين اليسار واليمين، التي تفاقمت قبل الحرب بسبب الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي اقترحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
عمّقت الحرب الفجوة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، بسبب إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية، ما أثار استياء الكثيرين.
منذ بداية الحرب، تم استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، في وقت ارتفعت فيه الخسائر في صفوف الجيش، لكن في يونيو 2024 وافقت المحكمة العليا على تجنيد الحريديم الذين يشكلون نحو 13٪ من إجمالي الإسرائيليين، ما أثار مظاهرات واعتراضات كادت تؤدي إلى تفكيك التحالف الحاكم.
مثال ذلك، امرأة ثمانينية تتلقى العلاج في مستشفى بالقدس تقول لوكالة فرانس برس: "حفيدي يخاطر بحياته في غزة، بينما يتجول أحفاد زميلتي المتدينة هنا لزيارتها يوميا".
في مستوطنات الشمال، يشكو السكان الذين نزحوا بعد أن وصلت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل إلى مرحلة غير مسبوقة، وكذلك بعد أن هاجمت إسرائيل مناطق لبنانية متفرقة تسببت بقتل المئات وجرح الآلاف.
الحكومة قررت بعد منتصف سبتمبر توسيع أهداف الحرب لتشمل إعادة أكثر من 60 ألف نازح إلى منازلهم، لكن الوضع على الجبهة مع حزب الله يتجه إلى التصعيد.
يقيم نازحو شمال إسرائيل، وسكان مستوطنات غلاف غزة في فنادق، وهو ما يشكّل بالنسبة لكثير منهم أزمة.
دوريت سيسو، 51 عاما، وهي إحدى النازحات وأمّ لأربعة أولاد ومعلّمة من مستوطنة شلومي على الحدود مع لبنان، تقول لوكالة فرانس برس "أريد فقط العودة إلى المنزل. لا أكترث بالصواريخ".
التوجيهات الأمنية تمنع دوريت وآلاف غيرها من العودة إلى مكان سكنها السابق، لكن رغبة ربة المنزل كانت مغادرة الفندق بأي ثمن، فاستأجرت منزلا في إحدى القرى التي لا تزال مأهولة قرب الشمال، وفي ذات الوقت استدعي أبناؤها للقتال في غزة.
عن هذه الأزمات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، تقول مديرة أبحاث العلوم السياسية في جامعة تل أبيب سارة فاينبرغ: "نواجه سلسلة من الأحداث التي لم نستوعب نطاقها بعد"، مضيفة "نحن في حالة من الذهول، نتفاعل مع صدمة تلو الأخرى".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة