كيف يتعامل اللاعبون مع ضغوط "الجولات الحاسمة"؟

في وقت يتفق فيه كل من المدربين والاختصاصيين النفسيين في فرق كرة القدم على نصح لاعبيهم بتجاهل الخصم، والتركيز على المباريات المتبقية من الموسم، لتفادي الضغوط، يبدو هذا الأمر مجرد نظرية غير قابلة للتطبيق.

"حرفيا، ومع اقتراب نهاية الموسم، كنت في كل مرة أذهب فيها إلى سيارتي بعد التدريب أتخيل تلك اللحظة التي أرفع فيها لقب البريمييرليغ. لكن سرعان ما تباغتني لغة الاحتمالات، ويبدأ وسواس "ماذا لو؟" هذه الجملة الأخيرة تحول رأسك، بسبب تكرارها، إلى بركان يوشك على الانفجار".

أعلاه، كانت إفادة لاعب ليستر سيتي الإنكليزي السابق روبرت هوث لموقع "ذي أثلتيك" عن كواليس فوزه مع الثعالب بلقب تاريخي في 2015، رفقة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري.

في السياق ذاته، يعلق أسطورة نيوكاسل والمتوج مع بلاكبيرن روفرز بالبريمييرليغ سنة 1995 آلان شيرر على ضغوط الخصم، ودور الوصية الثابتة عن تجاهل الخصم وإمكانية تحققها.

يقول شيرر في مقال بموقع ذي أثلتيك: "كانوا يخبروننا ألا نهتم بأي حال من الأحول بما يفعله خصمنا عل اللقب، لكن اسمحوا لي أن أخبركم أمرا.. هذا مجرد هراء لا يمكن فعل ذلك".

للهروب من التفكير والضغوط، تبدو أفكار مثل النزول إلى الشارع والمشي قليلا، مناسبة للاعبين، لكن قد لا تنجح دائما خصوصا إذا كان الصراع على اللقب محتدما.

عن ذلك يقول لاعب مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل في حلقة بودكاست: "تنزل أحيانا للشارع، للابتعاد عن أجواء الكرة، لكن أثناء ذلك، تجد الجماهير تحاصرك بالأسئلة عن مدى قدرتك كلاعب على منحها اللقب هذا الموسم. وهذا سرعان ما يعيدك إلى التفكير ومسار الضغوط".

والآن، في ظل التطور التقني، بات اللاعبون يواجهون ضغوط أكبر متمثلة في السوشيال ميديا، التي تحتشد بـ"تريندات" الثناء والنقد للاعبين، مشكلة ضغوطا أكبر عليهم.

يجد أرسنال نفسه حاليا مشابها لحالة ليفربول في 2019، عندما ما كان وقتها ليفربول في أفضل حالاته، لكنه خسر اللقب أمام السيتي بفارق نقطة، رغم إنهائه النصف الأول من الموسم بفارق 7 نقاط.

وقبل نهاية الموسم، قال أسطورة مانشستر يونايتد السابق ريان غيغز في تصريحات لسكاي سبورتس، إن أكثر ما يخشاه على ليفربول، هو ضغط التاريخ، كونه لم يتوج باللقب منذ 26 عاما وقتها، وهو ما حدث بالفعل.

والآن، يواجه أرسنال المعضلة نفسها، إذ لم يفز بالبريمييرليغ منذ 20 عاما، وهو أمر يدركه مدربه الإسباني ميكيل أرتيتا جيدا، والذي ظل يركز على الجانب النفسي.

ولم يترك أرتيتا جانبا إلا وطرقه لتحفيز نجوم أرسنال، بضرورة التحلي بالشراسة ذهنيا وفنيا، إذ أحيانا يخرج للإعلام ويمدحهم على تطور ذهنيتهم، وتارة أخرى بتعلم الـ"خبث الكروي"، مثلما فعل في فبراير الماضي.

يحذر اختصاصي علم النفس الرياضي البريطاني دانيال أبراهام من خطورة "الصوت الداخلي" لدى اللاعبين المتمثل في التفكير في احتمالات نجاح الخصم وإفساده حلم تتويجهم باللقب، والذي أشار إليه شيرر وروبرت هوث.

وقال أبراهام في تصريحات على حسابه بتويتر: " خطره لا ينحصر فقط في تشتيتك ذهنيا، وإدراكيا، وإنما يمتد كذلك أثره إلى الجانب البدني داخل أرض الملعب".

وعن الحل، يقول أبراهام، إن دوره كاختصاصي يتخطى شحذ همة اللاعبين، وإنما يقوم بمراجعة بعض الجوانب الفنية، بأن يراجع الكيفية التي يسجل به المهاجم، وتلك التي يدافع بها المدافع، وقال إن الضغط يمكن أن ينسيهم الأساسيات.

وبدوره، يرى اختصاصي آخر في علم النفس الرياضي وهو البريطاني برادلي بوش أن الأمر المهم، هو ضرورة قيام المختص في علم النفس بالفريق بتقسيم اللاعبين، مشيرا إلى أن بعضهم يتمتع بخبرات ذهنية عالية، وآخر لديه ذهنية أكثر هشاشة ومعرضة للضغط.

يقول بوش في تصريح لـ سكاي سبورتس: إن الصنف الأول المشبع بالخبرات، يجب ابعاده عن محاضرات المدربين (المنفعلة) والمطالبة بضرورة التركيز والشراسة وعدم الانهيار النفسي، وأشار إلى أنها يمكن تأتي بنتيجة سلبية معه، وقال إنه يفضل أن يتم إخراج أمثال هؤلاء من أجواء الكرة تماما، خلال الجولات الحاسمة والأخيرة.

أمام الصنف الأكثر هشاشة، فقال إنه بحاجة إلى إقناعه بقدراته، وبما يمتلكه من مهارات، من أجل شحذه معنويات وإعادته من دوامة التأثر بالضغوط السلبية.