مال وأعمال
في عالم الشركات، تحظى قضايا الصحة النفسية والرفاهية في مكان العمل باهتمام متزايد، وفي استطلاع نشرته شركة الاستشارات الأميركية، Mercer، أفاد 94% من أصحاب العمل الكبار، أي لديهم 500 موظف أو أكثر، أنهم عززوا تغطيتهم للرعاية الصحية العقلية، أو زادوا الدعم، أو وضعوا برامج أو أنظمة جديدة للمساعدة في السنوات الثلاث الماضية.
ومع ذلك، قد تؤدي المحاولات الخاطئة للتعامل مع هذه القضايا إلى نتائج غير متوقعة. هذا ما حدث مؤخرا مع شركة YesMadam في مدينة نويدا الهندية، التي وجدت نفسها في وسط بلبلة إعلامية بسبب قرار مثير للجدل يتعلق بفصل الموظفين الذين "أبدوا مشاعر التوتر"، حسبما نشرت صحيفة هندية.
في محاولة لفهم مشاعر موظفيها، قامت شركة YesMadam، التي تقدم خدمات التجميل المنزلية، بتعميم استطلاع عن التوتر في مكان العمل. وبينما كانت هذه لفتة لطيفة من إدارة الشركة، نشرت إحدى الموظفات صورة على منصة لينكد إن، زعمت فيها أنها كانت من بين 100 موظف تم فصلهم بعد إجراء الاستطلاع والتعبير عن توترهم المتزايد في مكان العمل، وتضمن البريد الإلكتروني المزعوم عبارة: "لضمان عدم بقاء أي شخص يعاني من التوتر في العمل، اتخذنا القرار الصعب بالاستغناء عن الموظفين الذين أشاروا إلى مستويات توتر كبيرة".
أثار هذا التصريح غضبا على السوشيال ميديا، حيث اتهم العديد الشركة باستخدام هذه الحيلة للتخلص من موظفيها.
ردت الشركة سريعا ببيان نفت فيه عمليات الفصل، مؤكدة أن المنشور الذي أثار الجدل كان جزءا من "جهود مخططة لتسليط الضوء على قضية التوتر في مكان العمل".
كما أعلنت عن مبادرة جديدة تحت عنوان "Happy 2 Heal"، تتضمن منح الموظفين 6 أيام مدفوعة الأجر سنويا للتخلص من التوتر بالإضافة إلى جلسة سبا ومساج مجانية في المنزل.
وجاء في بيان الشركة: "لم يتم فصل الموظفين، بل تم منحهم استراحة لإعادة شحن طاقتهم.. لم يتم الاستغناء عنهم، بل تم تشجيعهم على التخلص من التوتر".
لكن هذه التوضيحات لم تنجح في تهدئة الانتقادات، واجتاحت الانتقادات منصتي لينكد إن وإكس حيث وصف العديد هذه الخطوة بأنها سطحية وغير إنسانية.
علّق أحد المستخدمين قائلا: "من وافق على هذه الخطوة التسويقية الغبية يجب أن يفصل نفسه"، وأضاف آخر: "بدلا من معالجة مصادر التوتر، قرروا فصل الموظفين الذين كانوا صادقين بشأن مشكلاتهم". كما أشار تعليق ساخر إلى أن "الموظفين الذين بقوا في الشركة الآن هم من سيشعرون بالتوتر".
اعتبر العديد من مستخدمي سوشيال ميديا هذه الخطوة على أنها حملة أخرى من حملات "التسويق الفيروسي" التي تستخدم الكذب كأداة تسويقية مجانية، وشببها بحملة "بونام باندي" التي أُطلقت في وقت سابق من هذا العام.
ففي فبراير 2024، نشرت عارضة الأزياء بونام باندي على إنستغرام خبر وفاتها بسرطان عنق الرحم، وأثار ذلك صدمة الكثيرين، وأبدى المشاهير تقديرهم لها.
وبعد يوم واحد، نشرت مقطع فيديو تكشف فيه أن وفاتها كانت خدعة، ووضحت أن هذه كانت محاولة لزيادة الوعي بسرطان عنق الرحم، والذي يمكن الوقاية منه من خلال اختبارات الكشف المبكر ولقاح فيروس الورم الحليمي البشري.
وأثارت هذه الحيلة الكثير من الجدل عبر الإنترنت، حيث قال البعض إنها "مخادعة" و"تهدف إلى جذب الانتباه"، بينما قال آخرون إنها لفتت الانتباه إلى سرطان عنق الرحم.
من التكتيكات التي تستعملها شركات الماركتنغ في هذه الحالة تدعى Shock advertising أو shockvertising. والهدف منها تقديم محتوى استفزازي أو مثير للجدل لجذب الانتباه وإثارة ردود فعل عاطفية قوية، حسبما تشرح جامعة كمبرلاند الكندية.
وغالبا ما تدفع هذه الاستراتيجية الحدود الاجتماعية أو الأخلاقية أو القانونية لإثارة المحادثة والمشاركة حول علامة تجارية أو منتج. ومن الأمثلة المعروفة حملة "رسومات الجمال الحقيقي" لشركة دوف، والتي تركز على "تصور الذات وكيف يرانا الآخرون"، وتحدي الصور النمطية للجمال وتشجيع صورة الذات الإيجابية.
كخدعة تسويقية قديمة، لها فوائد، فهي تساعد على "اختراق الضوضاء في الصناعات التنافسية"، وتعزيز انتشار اسم الشركة بشكل "فيروسي".
ومع ذلك، فإنه يحمل أيضا مخاطر، مثل ردود الفعل العنيفة، وإزالة الحساسية، والقضايا القانونية المحتملة إذا لم يتم تنفيذه بعناية، وتوضح الجماعة أنه في حين أن بعض ردود الفعل السلبية أمر لا مفر منه، فإن وجود خطة لإدارة الأزمات والانخراط في حوار مفتوح مع الجمهور يمكن أن يساعد في تخفيف المخاطر.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة