هوليوود تُغلق الستار على بايدن.. "لن نفوز مع هذا الرئيس"

حتى ندرك أهمية هوليوود بالنسبة للرئيس بايدن، فقبل ثلاثة أسابيع، شارك النجم الشهير جورج كلوني مع نخبة هوليوود في حفل أُقيم في لوس أنجليس دعما للمرشّح بايدن.

ما الذي جناه بايدن من الحفل؟

30 مليون دولار خلال أمسية واحدة، وهو مبلغ قياسي يعكس ثقل الصناعة السينمائية في تمويل الحزب الديمقراطي الأميركي.

يقول أستاذ التاريخ في جامعة جنوب كاليفورنيا، ستيف روس، مؤلف كتاب عن نفوذ هوليوود في السياسة الأميركية: "إذا انسحب كل هؤلاء المانحين الكبار، سيغرق بايدن، تظل هوليوود نقطة عبور إلزامية للمرشحين".

وفي حين أن الملايين التي تقدمها صناعة الترفيه الأميركية تعتبر أساسية للحزبين، إلا أن قلب هوليوود ومحفظتها يميلان إلى الديمقراطيين منذ عقود.

واعتمد بيل وهيلاري كلينتون على هذا الدعم خلال حملتيهما للانتخابات الرئاسية، كذلك الأمر بالنسبة إلى باراك أوباما الذي استفاد من تأثير أوبرا وينفري، عبر عشاء نظمته مقدمة البرامج في العام 2007 للترويج لعضو مجلس الشيوخ الشاب حينها.

كسائر دوائر الحزب الديموقراطي، أحدثت المناظرة بين الرئيس بايدن ومنافسه دونالد ترمب شرخا في الاصطفاف الهوليوودي خلف بايدن. تجلى ذلك في مقال نشره الديمقراطي المتحمس جورج كلوني، في صحيفة نيويورك تايمز في 10 يوليو الجاري.

كلوني عُرف بنشاطه الكبير في جمع التبرعات للحزب الديمقراطي، إلا أن مقاله جاء بمثابة ضربة لبايدن، إذ طالبه بالانسحاب من السباق، وقال كلوني أنه "يُحب بايدن ويعتبره صديقا، كما أنه يؤمن بشخصيته وقيمه، ويعتقد أنه فاز بالعديد من المعارك التي واجهته خلال السنوات الأربعة الماضية".

يستدرك كلوني: "لكن المعركة الوحيدة التي لا يستطيع الانتصار فيها، هي معركته مع الوقت، أي منا لا يستطيع الانتصار فيها".

وقال النجم الأميركي: "إننا كديمقراطيين، نحبس أنفاسنا، أو نخفض صوت التلفزيون كلما رأينا الرئيس الذي نحترمه، يخرج من طائرة الرئاسة، أو يذهب للميكروفون للإجابة على سؤال مرتجل".

يشرح كلوني في مقاله: " لن نفوز في نوفمبر مع هذا الرئيس، وعلاوة على ذلك لن نفوز بالكونغرس وسوف نخسر مجلس الشيوخ. هذا ليس رأيي، ولكن رأي كل سيناتور وعضو كونغرس تحدثت معه على انفراد".

كلوني ليس الوحيد، فخلال يومين، أعلن ريد هاستينغز المؤسس المشارك لشركة نتفليكس، مع أبيغيل حفيدة والت ديزني، ووكيل المشاهير آري إيمانويل الذي كان شقيقه رام كبير موظفي الرئيس السابق باراك أوباما، أنهم لن يمولوا رئيسا تتراجع قدراته بسبب عمره.

على منصة إكس، أيد الممثل والسينمائي، روب راينر، موقف زميله جورج كلوني، مؤكدا أنه عبّر عما يفكر فيه الكثيرون من خلال مقاله، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية، مضيفا: "الديموقراطية تواجه تهديدا وجوديا. نحن بحاجة إلى شخص أصغر كي يواجه ترمب. على جو بايدن التنحي".

أما أبيغيل ديزني، حفيدة والت ديزني، فقالت في تصريحات صحافية إنها ستحجب كافة تبرعاتها المالية حتى ينسحب بايدن من السباق، وشرحت ديزني موقفها قائلة: "تلك واقعية، وليست قلة احترام. لو لم يتنازل بايدن عن السباق، سوف يخسر الديمقراطيون، أنا واثقة تماما من ذلك".

في واقع الأمر لا. ربما يبدو التوجه الهوليوودي الآن يميل جهة الديمقراطيين، لكن الأمور لم تكن على هذا النحو دائما، ففي الثمانينيات على سبيل المثال، تلقى الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، الممثل السابق، دعما من نجوم مثل فرانك سيناترا، كما كان قادرا على الاعتماد بشكل كبير على أموال هوليوود.

يقول أستاذ التاريخ ستيف روس لوكالة فرانس برس: "كانت هوليوود في البداية قاعدة محافظة للحزب الجمهوري. عندما استحوذ لويس بي ماير على استديوهات MGM في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، حولها إلى آلة دعاية للحزب الجمهوري وجمع مبالغ هائلة من التبرعات".

بعد ذلك، قام الأخوة وارنر الأربعة بإعادة التوازن من خلال دعم الديمقراطي فرانكلين روزفلت في ثلاثينيات القرن الماضي عبر الأستوديو الخاص بهم وعبر نجومهم.

ومؤخرا، خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2020 بالتحديد، منحت صناعة الترفيه 104 ملايين دولار للديمقراطيين مقابل 13 مليون دولار للجمهوريين، وفقا لمنظمة "أوبن سيكريتس".

يعترف ستيفن مافيغليو وهو مستشار ديمقراطي سابق، عمل مع غراي دايفيس الحاكم السابق لكاليفورنيا بين العامين 1999 و2003، بأن مقال جورج كلوني "يمثل ضغطا إضافيا"، ولكن بالنسبة إليه، فإن هلع بعض المانحين "ظاهرة مؤقتة".

ويقول مافيغليو: "إذا قرر الرئيس الاستمرار، وبات واضحا أن الاختيار سينحصر بين بايدن وترمب، فإن هوليوود ستعود إلى موقفها الأساسي وتدعم جو بايدن".

كذلك، يشير إلى أن الانشقاقات في مجال الترفيه ليست كثيرة بما يكفي ليكون لها وزن حاسم.

وفي هوليوود، يملك السلطة السياسية الحقيقية بشكل أساسي المنتج جيفري كاتزنبرغ المدير السابق لشركة ديزني والمؤسس المشارك لشركة "دريمووركس".

وكاتزنبرغ دعم بايدن بشدة، حتى أنه أشاد بعمره، واصفا إياه بأنه "قوة عظمى"، ولكن منذ المناظرة الأخيرة، تعرض كاتزنبرغ لانتقادات كثيرة وبقي صامتا.