النووي VS الصواريخ بعيدة المدى.. هل يفعلها بوتين؟

ما تنظر إليه أوكرانيا الآن، يتجاوز الجبهة المباشرة إلى العمق الروسي، ففي حال سمح لها الغرب باستخدام الأسلحة بعيدة المدى التي باتت تمتلكها، ستتمكّن من استهداف قواعد جوية ونقاط إمداد ومراكز اتصال، تبعد مئات الكيلومترات عن الجبهة.

بالإضافة إلى ذلك، ستحرم أوكرانيا روسيا من السيادة الجوية، وتقلل من حدة الهجمات الروسية على الجبهة، بحسب وكالة أسوشيتد برس، لكن بعض الأشخاص من داخل الإدارة الأميركية، يشككون في هذه الفرضية الأوكرانية المتفائلة، إذ أشار المتحدث باسم البنتاغون، المقدم تشارلي ديتز، إلى أن صواريخ ATACMS لن تشكّل حلا للمعضلة الأوكرانية.

يقصد ديتز بالمعضلة القنابل الانزلاقية بعيدة المدى، التي تتمكّن روسيا من إطلاقها من مسافة تزيد على 300 كيلومتر، أي أبعد من مدى صواريخ ATACMS.

في واقع الأمر، تتمكّن أوكرانيا الآن من ضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، إلا أنها تعتمد في ضرباتها على الطائرات المسيرة، لكن الصواريخ الأميركية وصواريخ Storm Shadow البريطانية سوف تمنحها دقة أكبر، بالإضافة إلى قدرة تدميرية أقوى.

الغرب سلَّم أوكرانيا بالفعل الصواريخ بعيدة المدى، وتستخدم كييف اليوم صواريخ أميركية وبريطانية لتنفيذ ضربات ضد بنى تحتية ومنشآت عسكرية في نطاق الأراضي التي احتلتها روسيا، لكن ليس نحو الأراضي الروسية ذاتها، فيما رفضت ألمانيا، على سبيل المثال، إرسال صواريخها بعيدة المدى TAURUS من الأساس، خشية التصعيد.

الآن يتحاور الغرب، لكن في ظل حالة من الحذر، إذ التقى الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، يوم الجمعة 13 سبتمبر، وكان من المفترض أن يناقش الثنائي مسألة منح الضوء الأخضر لأوكرانيا، لكن بحسب صحيفة نيويورك تايمز، لم يعلن أي مِن الطرفين عن أي تغيير في السياسات المطروحة بعد الاجتماع.

وقال ستارمر إنه ناقش مع بايدن "الاستراتيجية" على نطاق واسع، فحسب، بينما ذكر البيت الأبيض أن البلدين "أكدا دعمهما الثابت لأوكرانيا".

وتشير الصحيفة إلى أن ستارمر يرغب في دعم بايدن من أجل السماح لأوكرانيا باستخدام Storm Shadow، وذلك ببساطةٍ لأن تلك الصواريخ طوّرت خلال تعاون بين بريطانيا وفرنسا، وصُنعت في مشروع مشترك، يضم إيطاليا مع مكونات من الولايات المتحدة، ما يعني أنه لتغيير شروط استخدام الصواريخ يتعيّن على تلك الدول جميعها الموافقة.

بوتين لا يزال في مرحلة التهديد، فيوم الخميس 12 سبتمبر، وقبل الاجتماع البريطاني الأميركي، قال الرئيس الروسي إن أي "مشاركة مباشرة" من قبل الدول الغربية، ستعد حربا على روسيا، مؤكدا أن استخدام الأسلحة الغربية يعتمد على بيانات الأقمار الصناعية التي يوفرها "الناتو"، ويعني استخدامها أن دول "الناتو"، بما فيها الولايات المتحدة، ستكون في حالة حرب مع بلاده.

وتوعّد بوتين بـ"رد مناسب"، لكن لم يحدّد ملامحه، إلا أنّ الخبير في الأسلحة بمعهد أبحاث السلام والسياسات الأمنية في هامبورغ، أولريش كوهن، لا يستبعد أن يلجأ الرئيس الروسي إلى إشهار البطاقة النووية، كإجراء تجربة نووية.

وقال لوكالة "رويترز": "سيكون هذا تصعيدا كبيرا للصراع. والسؤال: ما السهم المتبقّي في جُعبة بوتين ليرمي به، إذا ظل الغرب مستمرا في نهجه، غير الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية؟".

يؤكّد كوهن أن روسيا لم تجرِ أي اختبارٍ لأسلحة نووية منذ عام 1990، أي قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، ومِن ثم إجراء تجربة الآن سيمثّل مُؤشّرا كبيرا على بداية عصر أشد خطورة. وأضاف: "إجراء تجربة نووية سيكون أمرا جديدا. ولا أستبعد هذا، وسيتماشى مع تحطيم روسيا في العامين الماضيين لعدد من الترتيبات الأمنية الدولية التي وقّعتها على مدى عقود".

أما الرد على بريطانيا بالتحديد، إذا ما سمحت بالفعل لكييف باستخدام صواريخ Storm Shadow، فسيكون أكثر تعقيدا، إذ من الممكن أن تعتبر روسيا أنها انتقلت معها من مرحلة الحرب الهجينة بالوكالة إلى عدوان مسلّح مباشر، وذلك كما وصف مستشار الكرملين السابق، سيرغي ماركوف، في منشور على منصّة تلغرام.

وتوقَّع ماركوف أن تغلق روسيا على الأرجح السفارة البريطانية في موسكو وسفارتها في لندن، وتضرب الطائرات المسيّرة والطائرات الحربية البريطانية بالقرب من روسيا، على سبيل المثال، فوق البحر الأسود، وربما تطلق صواريخ على طائرات حربية من طراز "إف-16"، تحمل صواريخ "ستورم شادو" بقواعدها في رومانيا وبولندا.